يهربون من الجحيم إلى الغرق.. شباب لبنان يموتون في قوارب الهجرة غير الشرعية
لم تعد تحمل "باريس الشرق" لبنان ابتسامتها كما اعتادتها العرب، بل صارت تحمل دموعها وتحاول الهرب من أوجاعها حتى بالموت رمياً بالبحر، فتتوالى عليها الأزمات من انهيار اقتصادي وسرقة البنوك اللبنانية، إلى تفشي فيروس كورونا، لتأخذ الفاجعة الكبرى بتفجير مرفأ بيروت الذي شرد آلاف اللبنانيين، ليأتي غرق المهاجرين غير الشرعيين بمياه قبرص ليقسم قشة الصبر.
لبنان لم تعد ملك الشعب
عبرت ناردين وهبي لبنانية، 35 عاماً، بحالة من الغضب، لـ"العرب مباشر" عن مشاعر الصدمة التي تعيشها في وطنها لبنان، وقالت: "عم بنموت كل يوم عم بنموت"، لافتاً الموت صار يحاوطنا داخل لبنان وخارجها، نعلم أن الهجرة غير الشرعية أمر غير قانوني، ولكن هل يطرح علينا الملومين حلول بديلة.
واستطردت ناردين بحالة من الغضب، من يملكون القرار سرقوا أموالنا، ونهبوا ثروات ولم يجدوا من يحاسبهم، واليوم نلوم من يهرب بحثاً عن قوت يومه، لافتاً أن نسبة الفقر زادت في لبنان، ولم يكن هذا حال لدى الشعب اللبناني، قائلةً "لبنان ما بقى إلينا".
باريس الشرق يجتاحها طوفان الغضب
وقال أنطوان حنا، 46 عاماً، طبيب لبناني، في تصريحات لـ"العرب مباشر"، الجميع يعلم أن تزايد نسبة الفقر في لبنان، البلاد تعيش حالة انهيار اقتصادي طاحنة، والأوضاع لا تهدأ، وميليشيات حزب الله لا تهدأ، والنظام لا يريد الرحيل أو إيجاد حل للكارثة التي ضربت لبنان، ماذا يفعل اللبنانيون.
وتابع حنا: الصحة اللبنانية تعلن عن حالات وفاة بفيروس كورونا مغايرة للحقيقة، والحقيقة أن الإصابات في تزايد والوفيات في تزايد، فماذا نفعل؟
واستطرد حنا، الجميع يريد الفرار من داخل لبنان، لعل الحياة خارجها تصبح أكثر هدوءاً فقد نفذت سبل العيش هنا، المهاجرون غير الشرعيين غير ملامين من يحاسب هو النظام الفاسد الذي أوصلهم لتلك المرحلة ليفضلوا الموت غرقاً بالبحر عن الموت ذلاً بوطنهم.
وصول لبنانيين إلى أراضي قبرص
وقال مصدر مسؤول في تصريحات لـ"العرب مباشر"، إن حالة الغضب تتزايد لبنان جراء غرق القارب وعدم العثور على باقي ضحايا الهجرة غير الشرعية إلى الأراضي القبرصية، وربما ينذر الأمر بكارثة قد تتفجر بالشارع اللبناني.
وأفاد المصدر بأن مجموعتين وصلت إلى السواحل القبرصية خلال الأيام الماضية من لبنان، عبر قوارب صغيرة مليئة بالمهاجرين غير الشرعيين اللبنانيين والسوريين، وسبقها وصول قارب على متنه 55 شخصاً قبالة السواحل القبرصية، وقد نقلوا في وقت آخر إلى مركز استقبال المهاجرين في "كوكينوتريميثيا" القبرصية.
وأردف، هذا إلى جانب القارب الذي تم إيقافه منذ فترة قريبة من قبل السلطات القبرصية، وتم إعادة المهاجرين اللبنانيين مرة أخرى.
الموقف القبرصي من الهجرة غير الشرعية
وكانت قبرص قد أرسلت وفداً دبلوماسياً إلى لبنان، للتباحث في سبل منع قوارب محمّلة بمهاجرين غير نظاميين من الإبحار من السواحل اللبنانية نحو الجزيرة المتوسطية التي اعترضت في الأيام الأخيرة عدداً غير مسبوق من هذه القوارب.
وقال وزير الداخلية القبرصي نيكوس نوريس: إن مسؤولين من مختلف الأجهزة القبرصية المعنية بهذه المسألة سيتعاملون مع تلك الظاهرة بأفضل ممكنة وأكثرها فاعلية.
تاريخ الهجرة غير الشرعية في لبنان
وتعود ظاهرة الهجرة غير الشرعية التي تفشت في لبنان، لعام 2013 حيث غرق العشرات من اللبنانيين في عرض البحر بعد غرف سفينة إندونيسية كانت تهرب مئات الأشخاص من إندونيسيا إلى أستراليا، وقضى عشرات اللبنانيين بتلك الحادثة، معظمهم من منطقة الشمال اللبناني.
ويلعب المهربون دوراً أساسياً في دفع الناس إلى الهرب عبر البحر بعد حصولهم على مبالغ طائلة من الأموال لقاء تأمين قوارب أو تزوير مستندات.
الفقر يضرب مدينة طرابلس اللبنانية
وعام 2015 التحق عشرات اللبنانيين بقوارب الموت، التي أبحرت من تركيا إلى أوروبا في ظل الأزمة السورية، وقضى العشرات منهم قبل وصوله إلى السواحل التركية، فيما نجح آخرون بالوصول إلى الضفة الأخرى.
ومؤخراً تحولت منطقة الميناء في مدينة طرابلس الشمالية منطلقاً لانطلاق عشرات القوارب نحو قبرص، وسجلت السنوات الماضية عدة محاولات للبنانيين وفلسطينيين وسوريين للهرب نحو أوروبا.