بعد إغلاق المعهد الأوروبي هل تتحرك دول أوروبية أخرى؟ خبراء يجيبون
بعد إغلاق المعهد الأوروبي هل تتحرك دول أوروبية أخرى؟ خبراء يجيبون

أحدثت باريس صدمة قوية داخل الأوساط السياسية والفكرية في أوروبا بعد أن أعلنت رسميًا حل "المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية"، وهو من أبرز المؤسسات المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين والمتهمة بالترويج لخطاب التطرف.
وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو وصف القرار بأنه جزء من "المعركة المفتوحة ضد المد الإخواني"، مشيرًا إلى أن فرنسا لن تسمح بتحويل مؤسسات تعليمية أو دينية إلى منصات تشرعن العنف والكراهية.
القرار الذي صادق عليه مجلس الوزراء استند إلى تقارير أمنية كشفت عن دور المعهد في التحريض على العنف والتمييز، إضافة إلى الاشتباه بارتباطه بأنشطة إرهابية داخل فرنسا وخارجها، وبينما اعتبر مراقبون أن الخطوة تعكس جدية باريس في مواجهة الإسلام السياسي، يتساءل آخرون ما إذا كانت أوروبا على أبواب موجة قرارات مشابهة في دول مثل ألمانيا وبلجيكا وهولندا، أم أن هذه الخطوة ستظل فرنسية الطابع، فهل تبدأ أوروبا مسارًا موحدًا ضد الإخوان؟
فرنسا تضرب بقوة
أعلن وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو حل المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية، متهمًا إياه بـ"شرعنة الجهاد" والتحريض على الكراهية والعنف، القرار الذي صادق عليه مجلس الوزراء استند إلى مرسوم رسمي أشار إلى وجود أنشطة مرتبطة بالإرهاب داخل فرنسا وخارجها، إضافة إلى خطاب يُغذي التمييز على أساس الدين أو الأصل أو الميول.
مصر البداية
يقول إبراهيم ربيع، الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة: إن البداية كانت من يونيو 2013، وأصبح وقتها شعار المرحلة تصفية لا تسوية، بعد أن خرج 30 مليون مواطن مصري في 30 يونيو 2013 في ثورة مزلزلة لأركان التنظيم الإخواني في بلد التأسيس والإدارة للتنظيم الدولي للإخوان، وأعطوا تكليفًا لإدارة مصر في الثالث من يوليو 2013 بإنهاء وجود تنظيم الإخوان في مصر.
ويضيف ربيع -في تصريحات لـ"العرب مباشر"-، أن إدارة مصر الاستراتيجية اتخذت قرارًا استراتيجيًا بإنهاء أي وجود للتنظيم الإجرامي الإخواني الذي يبدد الهوية الوطنية ويمزق الانتماء الوطني في مصر ثم في الإقليم ثم في العالم تباعًا، باعتبار أن تنظيم الإخوان السري هو السرداب الذي يتم فيه تصنيع كل التنظيمات الوظيفية الإرهابية.
وتابع: قامت الدولة المصرية عبر أجهزة المعلومات والدبلوماسية المصرية بوضع دول العالم أمام مسؤولياتها تجاه شعوبها أولاً وتجاه الإنسانية ثانيًا.
أجهزة الدولة المصرية المعنية قامت بالتعاون الإقليمي والدولي بعدد من التحركات المعلنة وغير المعلنة لتقديم الوثائق التي تثبت خطورة هذا التنظيم، ووضع الأمر أمام كل من يهمه الأمر بضرورة اتخاذ إجراءات حقيقية في إنهاء وجود هذا التنظيم الأخطبوطي وتجريم دعمه وإيواء عناصره، ومن تقاعس فلا يلومن إلا نفسه.
ويؤكد ربيع، أن العالم بدأ يدرك تدريجيًا خطورة التنظيم الإخواني على تماسك الدولة الوطنية والسلام العالمي، وأن اقتناع المجتمع الدولي بكون التنظيم يشكل خطرًا حقيقيًا على هوية الدول واستقرارها قد بات حقيقة تفرض نفسها يومًا بعد يوم، متوقعًا تحرك دول أوروبية أخرى قريبًا لتحجيم نفوذ تنظيم الإخوان وإحباط مخططاتهم.
مرحلة جديدة وأسلوب قديم
من جانبه، يقول مختار نوح، الكاتب والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية: إن قرار فرنسا بحل المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية يمثل خسارة استراتيجية كبيرة للإخوان المسلمين، باعتباره أحد أهم منصاتهم الفكرية والتنظيمية في الغرب، ويشير نوح إلى أن هذه المؤسسات لم تكن مجرد مراكز تعليمية أو بحثية، بل كانت بمثابة حواضن لتجنيد كوادر جديدة وترويج خطاب الجماعة تحت غطاء أكاديمي وقانوني، وهو ما منحها قدرة على الاستمرار لسنوات داخل البيئة الأوروبية.
ويضيف -في تصريحات لـ"العرب مباشر"-، أن التضييق على مثل هذه المعاهد قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من المواجهة، إذ يمكن أن يدفع الجماعة إلى العودة لأسلوبها التاريخي القائم على العمل السري، بعد أن اعتادت في العقود الأخيرة ممارسة أنشطتها العلنية عبر الجمعيات والمؤسسات المسجلة رسميًا.
ويرى نوح، أن الانتقال إلى السرية لن يكون مجرد خيار تنظيمي، بل استراتيجية اضطرارية للبقاء، خاصة إذا قررت دول أوروبية أخرى السير على خطى فرنسا.
ويحذر نوح من أن عودة الإخوان إلى النشاط السري داخل أوروبا قد تجعل مراقبة تحركاتهم أكثر صعوبة، وتمنحهم مرونة أكبر في التحرك بعيدًا عن الأطر القانونية.
لذلك، فإن مواجهة هذه المرحلة تتطلب تعاونًا أمنيًا واستخباراتيًا أوروبيًا واسعًا، لضمان ألا تتحول القارة إلى مسرح جديد لإعادة إنتاج شبكات خفية تهدد الاستقرار.