رسائل حاسمة لـ واشنطن.. وزراء الخارجية العرب: نرفض تهجير الفلسطينيين
رسائل حاسمة لـ واشنطن.. وزراء الخارجية العرب: نرفض تهجير الفلسطينيين

في خطوة تعكس اجتماعًا عربيًا على رفض أي مخطط لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وجّه خمسة وزراء خارجية عرب، إلى جانب مسؤول فلسطيني بارز، رسالة رسمية إلى الإدارة الأمريكية، يعبرون فيها عن رفضهم القاطع لمقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل سكان غزة إلى دول مجاورة.
هذه الرسالة، التي أُرسلت إلى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، تعكس المخاوف المتزايدة من أن يصبح هذا الطرح مقدمة لترحيل دائم للفلسطينيين، وهو الأمر الذي وصفه مراقبون بأنه محاولة جديدة لتصفية القضية الفلسطينية عبر تغيير التركيبة السكانية، التحرك العربي جاء عقب اجتماع عقده الوزراء في القاهرة، حيث شددت مصر، السعودية، الإمارات، قطر، والأردن، إضافةً إلى حسين الشيخ، مستشار الرئيس الفلسطيني، على أن أي حل للأزمة يجب أن يكون من خلال دعم الفلسطينيين في إعادة إعمار غزة، وليس بإجبارهم على مغادرة أراضيهم.
رسالة رفض واضحة
بحسب تقرير نشره موقع "أكسيوس"، فإن وزراء الخارجية العرب التقوا في القاهرة مطلع الأسبوع الجاري، لبحث التداعيات المحتملة لمقترح ترامب بخصوص نقل سكان غزة إلى الأردن ومصر، وهو الطرح الذي أعلنه لأول مرة في 25 يناير.
في الرسالة الموجهة إلى واشنطن، شدّد الوزراء على عدة نقاط محورية، أبرزها، رفض أي شكل من أشكال التهجير القسري، واعتبار هذا المخطط محاولة لفرض أمر واقع جديد على الفلسطينيين، بالإضافة إلى التأكيد على ضرورة إعادة إعمار غزة بمشاركة سكانها، وعدم إجبارهم على مغادرة أراضيهم خلال عمليات إعادة البناء، وتحميل المجتمع الدولي مسؤولية دعم الفلسطينيين في البقاء على أرضهم، بدلًا من دفعهم للبحث عن ملجأ في دول أخرى.
الرسالة تعكس بوضوح موقفًا عربيًا موحدًا ضد هذا الطرح، الذي أثار مخاوف تاريخية من إعادة إنتاج نكبة جديدة للفلسطينيين، على غرار ما حدث عام 1948 عندما أُجبر مئات الآلاف على مغادرة وطنهم تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي.
لماذا يرفض العرب خطة ترامب؟
المقترح الأمريكي، الذي وصفه البعض بأنه "حل تصفوي" للقضية الفلسطينية، يواجه معارضة عربية واسعة للأسباب عديدة أهمها خطر التهجير الدائم، فرغم أن ترامب قال إن الاقتراح يمكن أن يكون "حلًا طويل الأمد أو قصير الأمد"، إلا أن الفلسطينيين يخشون أن يتحول إلى خطة تهجير ممنهجة، تؤدي إلى تفريغ غزة من سكانها وتحويلهم إلى لاجئين دائمين في الدول المجاورة.
من جانبهما، أعلن كل من القاهرة وعمان بشكل واضح رفضهما القاطع لاستقبال سكان غزة المهجّرين، حيث أكدتا أن الحل يجب أن يكون داخليًا وليس على حساب سيادة الدول الأخرى.
أحد أبرز أسباب الرفض يتلخص في مخاوف من تصفية القضية الفلسطينية، ويعتبر هذا المقترح محاولة لتفريغ غزة من سكانها، مما يؤدي إلى إنهاء فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة، إذ سيصبح من المستحيل إقامة كيان فلسطيني مستدام في ظل نزوح جماعي لسكان القطاع.
خاصةأن أي محاولة لفرض التهجير القسري تعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ويمكن أن تفتح المجال أمام إدانة دولية أوسع للسياسات الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة.
رسالة تحدٍّ أم ضغط سياسي؟
من جانبه، يرى دكتور محمد المنجي أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن هذه الرسالة العربية ليست مجرد رفض دبلوماسي، بل محاولة واضحة للضغط على واشنطن لإعادة النظر في مقترحاتها المتعلقة بغزة.
وأضاف المنجي في حديثه لـ"العرب مباشر"، الولايات المتحدة، رغم دعمها الثابت لإسرائيل، تحتاج إلى الحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع الدول العربية الكبرى، التي تُعد حلفاء رئيسيين في ملفات عدة، أبرزها أمن الطاقة، مكافحة الإرهاب، والتوازن الإقليمي.
وتابع أستاذ العلوم السياسية، بالتالي، فإن تصاعد الرفض العربي لسياسات ترامب قد يُعقّد قدرة واشنطن على تمرير أي حلول غير عادلة للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، خاصة مع تزايد الضغوط الدولية لإنهاء الحرب والبحث عن تسوية سياسية عادلة.
وأكد المنجي أن رغم محاولات إسرائيل فرض واقع جديد على الأرض، يبرز التحرك العربي كمحاولة لإبقاء القضية الفلسطينية على المسار الصحيح، ومنع أي تصفية محتملة لحقوق الفلسطينيين في وطنهم، مضيفًا على الرغم من أن الإدارة الأمريكية لم تعلّق رسميًا بعد على الرسالة، فإن تصاعد المعارضة العربية والدولية قد يجعل من الصعب على واشنطن المضي قُدمًا في أي مخططات تؤدي إلى تهجير الفلسطينيين، ما لم تجد بدائل أكثر توازنًا.