لبنان يراهن على مصرفي مخضرم.. من هو كريم سعيد حاكم مصرف لبنان الجديد؟
لبنان يراهن على مصرفي مخضرم.. من هو كريم سعيد حاكم مصرف لبنان الجديد؟

يُواجه لبنان أزمة مالية هي الأشد في تاريخه الحديث، وسط انهيار اقتصادي شلّ مؤسساته وأضعف قدرته على استعادة الاستقرار النقدي، في هذا السياق الحرج، أقرّ مجلس الوزراء تعيين المصرفي المخضرم كريم سعيد حاكمًا جديدًا لمصرف لبنان، ليخلف رياض سلامة، الذي انتهت ولايته وسط اتهامات بالفساد المالي، سعيد، المعروف بخبرته الواسعة في الأسواق المالية والأنظمة المصرفية، يتولى المنصب في وقت حساس يتطلب قرارات حاسمة لاحتواء الأزمة واستعادة ثقة المودعين والمجتمع الدولي، وبينما يتطلع اللبنانيون إلى بوادر إصلاح تعيد الأمل، يواجه الحاكم الجديد تحديات هائلة، أبرزها إعادة هيكلة القطاع المصرفي، والتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، ووقف انهيار الليرة اللبنانية.
ملامح تعيين كريم سعيد
في قرار يحمل أبعادًا اقتصادية وسياسية، اختارت الحكومة اللبنانية كريم سعيد حاكمًا جديدًا لمصرف لبنان، حاصلًا على دعم 17 وزيرًا من أصل 24.
سعيد، الذي يُعرف بنهجه العملي في إعادة هيكلة المؤسسات المالية، يأتي في مرحلة حساسة يتطلب فيها المصرف المركزي رؤية إصلاحية شاملة لإنقاذ النظام المصرفي من الانهيار الكامل.
من هو كريم سعيد؟
يمتلك سعيد مسيرة مهنية غنية في قطاع المصارف والاستثمارات، حيث تخرج من كلية الحقوق بجامعة هارفارد، متخصصًا في قانون المصارف.
بدأ مسيرته في الأسواق المالية في نيويورك، حيث أصبح عضواً في نقابة المحامين هناك عام 1989، قبل أن ينتقل إلى الشرق الأوسط ليشغل أدوارًا بارزة في مؤسسات مصرفية عالمية.
شارك سعيد في تأسيس وإدارة شركة "غروث غايت كابيتال"، التي ساهمت في تقديم خطط لحل الأزمة الاقتصادية اللبنانية، كما عمل مستشارًا للعديد من الحكومات العربية في قضايا التمويل وإعادة هيكلة المؤسسات المصرفية.
التحديات التي تُواجه الحاكم الجديد
يتولى سعيد المنصب في وقت يمر فيه لبنان بواحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية، حيث انهارت الليرة اللبنانية وفقدت قيمتها أمام الدولار، فيما تعثرت البنوك في الوفاء بالتزاماتها تجاه المودعين. من بين أبرز التحديات التي تنتظره:
إعادة هيكلة القطاع المصرفي
يواجه القطاع المصرفي أزمة سيولة غير مسبوقة، حيث تُقدّر الخسائر المالية بـ72 مليار دولار. إعادة هيكلة المصارف تتطلب إصلاحًا جذريًا يضمن حقوق المودعين ويعيد النظام المالي إلى مساره الطبيعي.
الاتفاق مع صندوق النقد الدولي
يُعدّ التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي ضرورة قصوى للحصول على تمويل خارجي، لكن ذلك يتطلب تنفيذ إصلاحات صارمة تشمل إعادة جدولة الديون، وإصلاح السياسات النقدية، وتعزيز الشفافية المالية.
استعادة الثقة بالنظام المصرفي
بعد سنوات من الأزمات المتلاحقة، تراجعت ثقة اللبنانيين بالمصارف إلى أدنى مستوياتها. على الحاكم الجديد تقديم سياسات نقدية واضحة لاستعادة ثقة المستثمرين والمودعين، وإعادة تدفق رؤوس الأموال إلى القطاع المصرفي.
تحقيق الاستقرار النقدي
الارتفاع الجنوني لسعر الصرف أدى إلى تآكل القوة الشرائية للمواطنين، مما زاد من معدلات الفقر والتضخم. سعيد مطالب بوضع سياسات تساهم في ضبط سعر الصرف وتحقيق استقرار نقدي يمنع انهيار الاقتصاد.
محاربة الفساد المالي
الفساد وسوء الإدارة كانا عاملين رئيسيين في الانهيار الاقتصادي. إعادة هيكلة المصرف المركزي تتطلب محاسبة المتورطين في قضايا الفساد وتعزيز الشفافية المالية لضمان عدم تكرار الأزمات السابقة.
إعادة دمج لبنان في الأسواق المالية الدولية
منذ الأزمة، عانى لبنان من عزلة مالية أدت إلى تجفيف مصادر التمويل. تسهيل اندماج البلاد مجددًا في النظام المالي العالمي يتطلب سياسات إصلاحية تعيد ثقة المستثمرين الدوليين في الاقتصاد اللبناني.
التعامل مع الضغوط السياسية
يعدّ مصرف لبنان إحدى الأدوات الرئيسة في رسم السياسات الاقتصادية، ما يجعله عرضة للضغوط السياسية من الأطراف المتصارعة. قدرة الحاكم الجديد على تحييد المصرف عن التجاذبات السياسية ستكون مفتاح نجاحه.