أزمة الكهرباء تؤرق الإيرانيين.. هتافات ضد المرشد خامنئي في قلب طهران

شهدت العاصمة الإيرانية طهران هتافات ضد المرشد بسبب أزمة الكهرباء

أزمة الكهرباء تؤرق الإيرانيين.. هتافات ضد المرشد خامنئي في قلب طهران
صورة أرشيفية

خرجت التظاهرات الاحتجاجية المناهضة للحكومة في أنحاء متفرقة من إيران، اليوم الثلاثاء، في مشهد يتكرر منذ أشهر بسبب الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، حيث شملت تلك التظاهرات مدن عدة، من بينها العاصمة طهران.


ومنذ بداية تنفيذ خطة إدارة استهلاك الكهرباء في إيران، في مايو الماضي، عبرت وسائل الإعلام والمواطنون والنقابات وحتى بعض البرلمانيين الإيرانيين عن الاستياء الواسع من هذه الخطة.

مطالب باستقالة وزير الطاقة


وجاءت تظاهرات اليوم الثلاثاء، تطالب باستقالة وزير الطاقة في إيران على الفور، حيث يتسبب الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي في أضرار للمستشفيات والمنشآت الطبية، كما يهدد حياة الأفراد الذي قد يعْلقون في المصاعد في المنشآت التي لا تواجد بها مولدات للكهرباء.


ويطالب المواطنون في إيران على الأقل بمعلومات دقيقة من وزارة الطاقة حول مكان وتوقيت ومدة انقطاع التيار، إلا أنه لم يتم توفير هذه البيانات حتى الآن.


إلغاء بطولة دولية للشطرنج


وبسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي في إيران، وعدم وجود أي ضمانات لإصلاح الموقف، قررت إيران إلغاء بطولة دولية للشطرنج عبر الإنترنت، وتم استبعاد أربعة لاعبين إيرانيين بارزين بعد ذلك.


فيما تبرر سلطات الإيرانية ذلك الانقطاع المتكرر للكهرباء بارتفاع درجات الحرارة في الصيف –والذي يتراوح عادة بين 35 و50 درجة- واستخدام الكثير من مكيفات الهواء.

تظاهرات متواصلة ضد الملالي


وعلى الرغم من التضييق الإعلامي على التظاهرات الإيرانية، إلا أن ناشطين نشروا للتظاهرات في عدة مناطق من إيران، فنشر مغردون صورا لمواطنين تجمعوا أمام مبنى شركة الكهرباء، ومبنى البلدية في 3 مدن بمحافظة غلستان شمال شرقي إيران، وتظاهر عدد من المحتجين في مدينة "كنبد كاووس" في المحافظة ذاتها.


فيما ردد متظاهرون شعارات ضد الحكومة في مدينة "كازرون" التابعة لمحافظة فارس جنوب البلاد، من دون تسجيل أي مواجهات مع الشرطة.

ونشر ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، شريط فيديو سجل في الظلام، في أحد أحياء شرق العاصمة، حيث أطلق المواطنون هتافات معادية للمرشد الإيراني علي خامنئي، من شرفات المنازل، مرددين "الموت للديكتاتور"، "الموت لخامنئي".


وشهدت المدن الإيرانية بما فيها العاصمة طهران، انقطاعا للتيار الكهربائي لعدة ساعات خلال الأيام الماضية، وبطبيعة الحال، أدى الأمر إلى انقطاع المياه في بعض المناطق، وانقطاع في شبكة الإنترنت.

استمرار الأزمة

ومن جانبه، قال المتحدث باسم الشركة الوطنية للكهرباء، مصطفى رجبي مشهدي، إنه يتوقع استمرار انقطاع التيار الكهربائي خلال الأيام المقبلة، نظرًا لارتفاع درجات الحراراة وزيادة الاستهلاك، حيث بلغت 38 درجة مئوية في طهران و50 درجة في عدة مدن بمحافظة خوزستان جنوب غربي البلاد.


واعترف مشهدي بأن "البلاد تعاني من فجوة تبلغ 11 ألف ميجاواط، بين إنتاج الكهرباء واستهلاكها.

وقف أجهزة استخراج العملات بسبب انقطاع الكهرباء
وقال النائب عن مدينة كاشمر في البرلمان الإيراني، جواد نيكبين، إنه إذا تم وقف عمل أجهزة استخراج العملات الرقمية "فيمكن بالتأكيد إدارة التيار الكهربائي".


وفي الأثناء، أكد النائب عن مدينة ملاير في البرلمان الإيراني، هادي بيغي نجاد: "إن قضية الكهرباء ستكون مثل قنبلة موقوتة في السنوات المقبلة".

انقطاع الكهرباء يهدد المستشفيات


وحذرت وسائل الإعلام الإيرانية والنشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي من مخاطر انقطاع التيار الكهربائي في ظل الموجة الخامسة من كورونا التي تضرب إيران حيث ارتفع عدد مرضى كورونا الذين يرقدون في المستشفيات أو في منازلهم  ودخول العديد من مدن إيران المنطقة الحمراء "شديدة الخطورة" في الإصابة.

خداع حكومي

وبعدما روجت وزارة الطاقة الإيرانية لتطبيق اسمه "برق من" (كهربائي)، وقالت إنها ستنشر خلاله الجدول الزمني لانقطاع التيار الكهربائي، وعلى الرغم من هذا فقد اعتبرت بعض وسائل الإعلام أن هذا الجدول الزمني مجرد "مزحة".


وذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية "إيسنا": "تم اليوم نشر الجدول الزمني لانقطاع التيار الكهربائي، بينما أكد كثير من المشتركين أنه لا يتطابق مع الواقع أبدا وأنهم في حيرة من أمرهم".

تفاقم الأزمة 


وفي تصريحات خاصة لـ"العرب مباشر"، قال د. محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، إن مسألة الكهرباء أمر حيوي وخطير في إيران حاليا، لافتًا إلى صعوبة حل هذه المشكلة في وقت قريب، مرجعا ذلك إلى أمرين مهمين، أولهما تعدد المشاكل المسببة لأزمة الكهرباء في إيران، وثانيا صعوبة حلها نظرا للعقوبات الأميركية، بمعنى أن إيران لا يمكنها الاعتماد على تكنولوجيا أو غربية لحل هذه الأزمة. 


وأضاف أبو النور: "لو تدبرنا مثلا التجربة المصرية في 2013، عندما تغلبت مصر على أزمة الكهرباء بالاستعانة بالتكنولوجيا الألمانية، وبالفعل نجحت الجمهورية المصرية في بناء أكثر من محطة لتوليد الكهرباء، وتعظيم مواردها في هذا المجال، وأصبحت مصر تصدر الكهرباء إلى الكثير من الدول الأخرى، لكن إيران لا يمكنها الاستفادة من التكنولوجيا الغربية نظرًا للعقوبات الأميركية المفروضة عليها، مع تماهي الدول الغربية وألمانيا بالتحديد مع هذه العقوبات".

حرمان من التكنولوجيا الغربية


وتابع رئيس المنتدى العربي: "بل إن ألمانيا هي التي تبادر في بعض الأحوال بشكل ما من توقيع العقوبات على إيران، بما لا يمكن طهران من الانخراط في النظام المالي العالمي، أو النظام الدولي المتعلق بالتكنولوجيا في هذا المجال".


واعتبر محسن أبو النور، أن أزمة الكهرباء في عهد الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي ستكون أزمة بلا حل تقريبًا، لافتًا في هذا الصدد إلى اعتبارين مهمين، الأول أن المشكلة الرئيسية التي تواجه رئيس إيران الجديد هي التمويل، أي أن الاقتصاد هو المشكلة الرئيسية، علاوة على مشاكل أخرى غير قابلة للحل تسببت في حدوث أزمة الكهرباء في إيران.

وأوضح أن هذه المشاكل هي توقف بعض التوربينات المولدة للكهرباء في الأنهار مع سيطرة العناصر الخارجية مثل حركة طالبان على نهر هلمند الذي يمد إيران بالكثير من الكهرباء عن طريق المولدات، إضافة إلى الجفاف في بعض الأنهار مثل نهر قارون، وجفاف في بعض البحيرات مثل بحيرة أروميا، وهي مشكلة هيدرولوجية. 


أزمات أخرى 


وأشار أبو النور في تصريحاته، إلى مشكلة التعدين المتعلق بالعملات "البيتكوين" في إيران، والذي يستهلك الكثير جدًا من الكهرباء، وليس من المنظور وقف تعدين البيتكوين في المدى القريب، لافتا في هذا الصدد إلى أن الكثير من المعدنين يقومون باستخدام كهرباء المساجد المجانية في تعدين البيتكوين، وهو ما يؤثر بشكل كبير على موارد الدولة الإيرانية فيما يتعلق بتمويل الكهرباء.


كما نوه رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، إلى أن إيران تحتاج إلى 66 ألف ميجاواط، في حين أنها لا تنتج إلا أقل من ذلك بـ20 ألف ميجاواط، مشددا على أن الجمهورية الإيرانية لن تتمكن في حل هذه المشاكل في المدى القريب، لكن حكومة إبراهيم محظوظة لأنها ستتولى السلطة في 3 أغسطس، وعندما تتشكل الحكومة ستكون في بداية سبتمبر تقريبا، وبالتالي ستكون درجات الحرارة قد تراجعت في معظم مدن إيران، ولن يحتاج المواطنون هناك إلى تشغيل المكيفات، ولن يحتاج المجتمع الإيراني إلى 66 ألف ميجاواط، وستقبل الحاجة بنحو 20 ألف ميجاواط، وهو ما قد يخفف الضغط على حكومة رئيسي نوعًا ما.