أسوأ أزمة منذ استقلالها.. سيناريوهات حلّ البرلمان التونسي
تدخل أزمة تشكيل الحكومة التونسية في نفق مظلم، ولاسيما لو نفذ الرئيس قيس سعيد، تهديده بحل البرلمان والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة، إذا لم تحصل حكومة إلياس الفخفاخ على ثقة البرلمان، وهو تطور خطير يهدد حركة النهضة الإسلامية المسيطرة على البرلمان التونسي.
بداية الأزمة
بدأت أزمة تشكيل الحكومة التونسية، منذ تنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية في أكتوبر الماضي، حيث فشلت حكومة الحبيب الجملي مرشح "النهضة" الفائز في الانتخابات في نيل ثقة البرلمان، وبدوره كلف "سعيد" مرشحا آخر وهو "الفخفاخ" لرئاسة الحكومة، فقامت "النهضة" بالتعنت ورفض التصويت له.
وأعلن الفخفاخ رسمياً يوم السبت الماضي، عن تعثر المفاوضات، بالأساس مع حزب حركة النهضة الإسلامية، حول تركيبة الحكومة، وذلك بسبب القرار المفاجئ للحزب بسحب مرشحيه للحقائب الوزارية قبل ساعة فقط من طرح الحكومة.
قيس سعيد يهدد
وفي تصعيد خطير قال سعيد، أمس، إنه سيدعو لانتخابات مبكرة وسيحل البرلمان إذا فشلت الحكومة المقترحة في نيل ثقة البرلمان لإخراج البلاد مما وصفه بأنه "أسوأ أزمة منذ استقلالها" في 1956.
ووفقا لتقارير تونسية محلية، فإن أزمة تشكيل الحكومة تضع البلاد في أزمة غير مسبوقة، حيث إن خياري التمديد لحكومة تصريف الأعمال أو حل البرلمان يمثلان كارثة على البلاد.
من جانبه اعتبر مهدي عبد الجواد، السياسي التونسي، والقيادي في حركة نداء تونس، أن مراوغة حركة النهضة، لرفض حكومة "الفخاخ"، مما يجبر الرئيس قيس سعيد على حل البرلمان، مستنداً إلى الدستور التونسي، سوف يضع البلاد أمام أزمة كبيرة، ويؤدي إلى فراغ مؤسسي.
وتوقع عبد الجواد لـ"العرب مباشر": أن يعكس تهديد الرئيس التونسي نتائج إيجابية من أجل تشكيل الحكومة، حيث إن الحركة الإخوانية سوف تشعر بالخوف والقلق من فقد سيطرتها على البرلمان، وإمكانية عودتها مرة أخرى".
واعتبر السياسي التونسي، أن حل البرلمان سوف يأتي بنتائج سلبية محلية ودولية، لافتاً أنه سيؤثر على الوضع الاقتصادي والمالي لتونس من ناحية، ويفقد الدول الخارجية الثقة في التعامل مع النظام الحالي.
نظام متذبذب
ووفقا لمراقبين للشأن التونسي، فإن الوضع بـ"تونس" أصبح مضطرباً، ولاسيما أن رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ، متذبذب ولا يدري ما يفعل، هل يستجيب لرئيس الجمهورية صاحب الشعبية والشرعية الانتخابية، أم إلى الحزب الفائز في الانتخابات؟.
ويرى البعض الآخر أن حل البرلمان التونسي هو الحل الأمثل للأزمة غير المسبوقة، حيث ينطلق هذا الاتجاه من اعتبار أن التركيبة البرلمانية الحالية لا تبشر بخير، ولا يمكنها العمل لخمس سنوات.
الصراع
وتضم حكومة الفخفاخ المقترحة وزراء من التيار الديمقراطي وحركة الشعب وحزب تحيا تونس وحزب النهضة وحزب البديل إضافة لمستقلين.
ويدور الصراع حول رفض التشكيلة الوزارية، فقبل ساعة من إعلان تشكيلتها أعلن حزب النهضة السبت الماضي الانسحاب من الحكومة وعدم التصويت لها في البرلمان. والسبب في ذلك هو عدم إشراك حزب "قلب تونس" بالإضافة إلى خلافات حول الحقائب الوزارية، إذ تعتبر النهضة أن تشكيلة الحكومة لا تتناسب مع حجمها كأكبر حزب، بينما أعلن حزب قلب تونس وهو ثاني أكبر قوة في البرلمان أنه لن يصوت لحكومة الفخفاخ.
وبما أن الحكومة تحتاج لنيل ثقة البرلمان ولم يتبق سوى بضعة أيام أمام الفخفاخ لتنتهي مهلة إعلان الحكومة فالأمر بحاجة لما يشبه المعجزة لكي تنال ثقة البرلمان وهذا سيناريو من السيناريوهات المطروحة لكنه لن يتحقق إلا إذا تمكن الفخفاخ من النجاح في التفاوض مع النهضة للبقاء في الحكومة خلال ما تبقى من المهلة.
أما في ظل استمرار الانسداد الحالي فستتجه الحكومة نحو السيناريو الثاني وهو السقوط. فالحكومة تحتاج لموافقة 109 نواب وهو أمر لا يبدو سهل المنال في ظل جبهة رفض قوية من أحزاب النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة إضافة إلى الدستوري الحر.