الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو لأول عملياته في محور موراغ .. ماذا يحدث جنوب غزة؟

الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو لأول عملياته في محور موراغ .. ماذا يحدث جنوب غزة؟

الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو لأول عملياته في محور موراغ .. ماذا يحدث جنوب غزة؟
حرب غزة

في تطور ميداني جديد، كشف الجيش الإسرائيلي، السبت، عن مشاهد مصورة من عملياته الأولى داخل ما يعرف بـ"محور موراغ"، أحد أكثر المحاور حساسية في جنوب قطاع غزة، والواقع بين محافظتي رفح وخان يونس.

وتزامن الإعلان مع تصاعد العمليات العسكرية على أكثر من جبهة داخل القطاع، وسط مؤشرات على مرحلة جديدة من التصعيد الميداني في الجنوب.

الفرقة 36 تعود إلى المشهد

الجيش الإسرائيلي أوضح في بيانه، أن قوات "الفرقة 36"، وهي إحدى أبرز الفرق البرية المدرعة في الجيش، عادت مجددًا إلى العمل داخل قطاع غزة، وبدأت مهامها في محور موراغ، في إطار عمليات "تطهير" وتأمين ضد ما وصفه بـ"البنية التحتية المتبقية لحركة حماس" في المنطقة.

وذكر البيان، أن هذه هي المرة الأولى التي تنفذ فيها قوات دفاع إسرائيلية عمليات مباشرة داخل هذا المحور منذ بداية الحرب الأخيرة، مؤكدًا أن القوات عثرت على وسائل قتالية متنوعة، وتمكنت من تصفية عدد من المسلحين الذين كانوا يتحصنون في مواقع داخلية في المنطقة.

محور "موراغ".. الجغرافيا في خدمة المعركة

يمثل "محور موراغ" ممرًا بريًا استراتيجيًا يمتد من شاطئ البحر الأبيض المتوسط غربًا، مرورًا بشارع صلاح الدين في قلب القطاع، وصولًا إلى معبر "صوفا" على الحدود الشرقية مع إسرائيل.

يبلغ طوله نحو 12 كيلومترًا، ويُعدّ فاصلًا جغرافيًا طبيعيًا بين رفح وخان يونس، ما يمنحه أهمية كبيرة في حسابات العمليات البرية.

وعلى الرغم من أن المحور لا وجود له على الخرائط الرسمية كشارع أو طريق، إلا أنه يعتبر في الأدبيات العسكرية الإسرائيلية "ممرًا تكتيكيًا"، كان يستخدم منذ احتلال القطاع في عام 1967 لمراقبة التحركات الفلسطينية بين جنوب غزة ووسطها.

أهداف معلنة وخفايا تكتيكية

من الناحية العسكرية، تعد العملية جزءًا من مساعي إسرائيل للسيطرة على ما تبقى من المساحات المفتوحة في جنوب القطاع، بعد أن ضيقت الخناق على خان يونس، وتسعى الآن لإغلاق الدائرة حول رفح، التي تعد آخر مدن الجنوب التي لم تخضع بالكامل للسيطرة الميدانية الإسرائيلية.

وتسعى إسرائيل، بحسب مراقبين، إلى تفكيك أي تواصل جغرافي بين المناطق الفلسطينية، خاصة بين رفح والمناطق الشمالية، ضمن استراتيجية "التقسيم الإداري"، التي قد تفتح الباب مستقبلاً أمام تغييرات في طريقة إدارة القطاع أو فرض وقائع ميدانية جديدة.

موراغ.. من مستوطنة إلى محور قتال

يحمل اسم "موراغ" دلالات تاريخية تعود إلى الحقبة التي سبقت الانسحاب الإسرائيلي من القطاع عام 2005، فالمكان كان ضمن تجمع مستوطنات "غوش قطيف"، وتحديداً مستوطنة "موراغ"، التي أُسست بدايةً كنقطة عسكرية في أوائل السبعينيات، قبل أن تتحول لاحقًا إلى تعاونية زراعية، عرفت بدفيئاتها الزراعية التي كانت تدار من قبل مستوطنين إسرائيليين.

ورغم انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة آنذاك، إلا أن هذا المحور ظل في الذاكرة الأمنية الإسرائيلية باعتباره ممرًا حساسًا، يمكن استخدامه عند الحاجة لضمان السيطرة السريعة على الجنوب، وهو ما بدا واضحًا في العمليات الأخيرة.

رسائل متعددة خلف الفيديو


نشر الجيش الإسرائيلي لمشاهد الفيديو من محور موراغ لم يكن مجرد إعلان عملياتي، بل حمل رسالة سياسية وأمنية في آنٍ معًا.

الجيش الإسرائيلي يسعى لإظهار قدرته على التوغل وتنفيذ عمليات نوعية في مناطق لم يعرف أنها خضعت لسيطرة كاملة من قبل قواته حتى الآن، في وقت تكثر فيه الاتهامات بفشل تل أبيب في حسم المعركة أو تحقيق أهدافها المعلنة.

ويقول الباحث السياسي وأستاذ العلوم السياسية أيمن الرقب: إن ما يجري في محور موراغ لا يمكن فصله عن استراتيجية إسرائيل لإعادة تشكيل المشهد السياسي والجغرافي في قطاع غزة، وإسرائيل لا تسعى فقط إلى توجيه ضربات عسكرية لحماس أو تدمير الأنفاق والبنية التحتية، بل تعد هذه العمليات جزءًا من محاولة لفصل رفح عن بقية مناطق القطاع، تمهيدًا لتغيير شكل السيطرة والحكم في غزة مستقبلاً، سواء عبر إدارة مدنية جديدة أو عبر ضغط على المجتمع الدولي لفرض حلول أحادية الجانب.

ويضيف الرقب - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، إن العودة إلى محور موراغ تحمل رسالة مزدوجة، من جهة هي تصعيد عسكري ميداني، ومن جهة أخرى هي اختبار سياسي لقدرة إسرائيل على فرض وقائع جديدة بالقوة، في ظل عجز المجتمع الدولي عن التأثير الجدي في مجريات الأحداث داخل القطاع.