مأساة المهاجرين في سبتة.. بين غض طرف المغرب وترحيل إسبانيا القسري

تعيش المغرب أزمة كبيرة بسبب الهجرة غير الشرعية

مأساة المهاجرين في سبتة.. بين غض طرف المغرب وترحيل إسبانيا القسري
صورة أرشيفية

على ضفاف الجيب الساحلي بين المغرب وإسبانيا تعلقت آمال المئات من المهاجرين معظمهم من المغاربة والأفارقة أملا في حياة أفضل في إسبانيا.


ولكن فاجأ التدفق المفاجئ للمهاجرين من المغرب إلى سبتة السلطات الإسبانية، وسط توترات دبلوماسية بين إسبانيا والمغرب.


وتم إرسال القوات الإسبانية إلى شاطئ التراجال، بالقرب من البحر الإسباني المغربي، ونشرت إسبانيا قوات بعد دخول أعداد قياسية من المهاجرين إلى جيب سبتة الواقع في شمال إفريقيا قادمين من المغرب.

ماذا يحدث في سبتة؟

دخل حوالي 8000 مهاجر بشكل غير قانوني إلى سبتة وهي رقعة إسبانية من الأراضي المتاخمة للمغرب على الساحل الشمالي الإفريقي؛ ما فاجأ السلطات الإسبانية.


وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، فقد أرسلت إسبانيا الجيش والمزيد من قوات الشرطة لتشديد الرقابة على الحدود ثم بدأت عمليات طرد جماعي لمن دخلوا، من بينهم عائلات وقُصّر.


وحدث التدفق في وقت تصاعدت فيه التوترات بين إسبانيا والمغرب بشأن قرار الحكومة الإسبانية السماح لزعيم مجموعة استقلال في شمال إفريقيا بالتماس علاج لفيروس كورونا في إسبانيا.


ويحاول العديد من المهاجرين من إفريقيا الوصول إلى أوروبا بنفس الطريق بحثًا عن حياة أفضل، إلا أن عدد المهاجرين هذا الأسبوع كان مرتفعًا بشكل غير عادي.


وكان معظم المهاجرين شبانًا، لكن السلطات الإسبانية قالت إن من بينهم أيضًا عائلات وبعض القصر غير المصحوبين وكان معظمهم من المغاربة. 


ودخل المهاجرون بشكل غير قانوني عن طريق البحر، إما للسباحة أو باستخدام قوارب صغيرة للتنقل حول كاسر الأمواج الذي يمثل الحدود بين سبتة الإسبانية والمغرب.


توترات دبلوماسية

يقول مسؤولون إسبان: إن حوالي 8000 شخص وصلوا إلى سبتة في غضون يومين، بينهم حوالي 1500 قاصر إما سبحوا حول الأسوار الحدودية التي تبرز في البحر أو ساروا عبرها عند انخفاض المد.


وتعهد رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، بإعادة النظام، وتقول إسبانيا إن حوالي نصف المهاجرين أعيدوا إلى المغرب.


بحلول مساء الثلاثاء، أظهرت لقطات للشاطئ أنه تم تطهير جميع المهاجرين تقريبًا.


وسافر سانشيز إلى سبتة ومليلية للتعامل مع الأزمة التي أدت إلى تفاقم التوترات الدبلوماسية مع المغرب.


وسحب المغرب سفيره للتشاور بعد أن أبلغ وزير الخارجية الإسباني المبعوث بـ"اشمئزازها" مما حدث.


مشاهد درامية

وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، فقد تم 
التقاط مشاهد درامية في البحر بينما كانت العائلات تخوض في المياه وضباط من الحرس المدني الإسباني ذهبوا إلى البحر لإنقاذ الأطفال الصغار.


ونشر الحرس المدني الإسباني صورًا لطفل رضيع وأطفال صغار يتم إنقاذهم من البحر قبالة سبتة.


وقال وزير الداخلية الإسباني فرناندو جراندي مارلاسكا: إن 200 جندي بالإضافة إلى 200 شرطي إضافي سيساعدون قوة الحدود العادية في سبتة التي يبلغ قوامها 1100 فرد، ويبلغ عدد سكان الجيب حوالي 80 ألف نسمة.


وبحلول المساء، أفادت التقارير بأن عدد الأشخاص الذين يحاولون الدخول عن طريق البحر قد انخفض، وكان بعض المهاجرين يعودون طواعية إلى المغرب بينما شوهد آخرون وهم ينقلهم الجنود.


وأصبحت جيوب سبتة ومليلية الإسبانية مناطق جذب للمهاجرين الأفارقة الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا. 


تعاون المغرب

وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية بأن قوات الأمن المغربية في الفنيدق، البلدة المجاورة لسبتة، أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق حشد كبير من المهاجرين عند السياج الحدودي.


وتلقى سانشيز دعمًا من كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي، حيث غرد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل: "حدود إسبانيا هي حدود الاتحاد الأوروبي".


ووصفت مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية إيلفا جوهانسون عدد الوافدين إلى سبتة بأنه "غير مسبوق" و"مثير للقلق"، مشيرة إلى أن "عددًا كبيرًا منهم أطفال".


وفي الجيب الآخر، مليلية، دخل 86 إفريقيًا من جنوب الصحراء يوم الثلاثاء عبر رصيف الميناء الجنوبي.


وذكرت وكالة الأنباء الإسبانية إيفي أن مليلية لديها سياج حدودي هائل، وقد منعت قوات الأمن عدة مئات من المهاجرين الآخرين.


ونقلت إيفي عن مسؤولين إسبان قولهم: إن الحراس المغاربة ساعدوا القوات الإسبانية في مليلية.


وقالت وسائل إعلام إسبانية: إن الوضع مختلف في سبتة، حيث وقف حرس الحدود المغاربة متفرجين وشاهدوا المهاجرين وهم يبحرون في محاولة للوصول إلى الجيب.


وقيل: إن معظم المهاجرين من الشبان، لكن كانت هناك أيضًا عدة عائلات، وقد استخدم الكثيرون حلقات مطاطية وقوارب مطاطية.


وبدؤوا بالوصول إلى سبتة في الساعات الأولى من يوم الاثنين، وتوفي شخص واحد على الأقل أثناء العبور.


ومن المرجح أن تؤدي مثل هذه الصعوبات إلى تعقيد التعاون الوثيق عادة بين الجارتين بشأن قضية المهاجرين، لكن إسبانيا قالا إنها أعادت بالفعل نحو نصف المهاجرين بعد محادثات مع المغرب.


وقال أحد المهاجرين المغاربة: "الغالبية العظمى من الذين وصلوا إلى سبتة كانوا مغاربة، وقامت الشرطة المحلية بقمع المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى في شمال المغرب في السنوات الأخيرة".


وتابع: "حاولنا الوصول إلى إسبانيا عبر طرق أخرى منها المحيط الأطلسي إلى جزر الكناري".