التواجد التركي في سوريا على طاولة الأمن الإسرائيلي.. تحركات مرتقبة

التواجد التركي في سوريا على طاولة الأمن الإسرائيلي.. تحركات مرتقبة

التواجد التركي في سوريا على طاولة الأمن الإسرائيلي.. تحركات مرتقبة
أحمد الشرع

في ظل التغيرات الجيوسياسية المتسارعة في الشرق الأوسط، عقدت إسرائيل اجتماعًا أمنيًا موسعًا لمناقشة التواجد التركي المتزايد في سوريا، وسط مخاوف من تحول هذا النفوذ إلى تهديد مباشر للأمن الإسرائيلي. 

الاجتماع الذي كشفت عنه صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، يأتي في وقت يتصاعد فيه التوتر الإقليمي، حيث شارك فيه وزير الدفاع يسرائيل كاتس، ورئيس الأركان إيال زامير، إضافة إلى عدد من القادة العسكريين والأمنيين، في ظل غياب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي كان في زيارة للمجر.

قلق إسرائيلي من التوسع التركي

وترى إسرائيل أن أنقرة تسعى إلى ترسيخ وجود عسكري دائم في سوريا بموافقة النظام الجديد، مما قد يؤثر على التوازن الإقليمي ويهدد المصالح الإسرائيلية. 

وأكد وزير الدفاع كاتس أن إسرائيل تعمل على نزع سلاح الجنوب السوري وضمان حرية عملياتها الجوية، مشددًا على أن أي تغيير في الوضع القائم سيقابل برد قوي.


وهذا القلق الإسرائيلي ترجم إلى عمليات عسكرية فعلية، حيث شن الجيش الإسرائيلي غارات جوية على قاعدتين جويتين ومواقع عسكرية في مدن دمشق وحماة وحمص، في خطوة قال مسؤولون إسرائيليون إنها "رسالة مباشرة إلى تركيا". 

في المقابل، نددت وزارة الخارجية السورية بالهجمات ووصفتها بأنها محاولة لإطالة أمد الصراع السوري وزعزعة الاستقرار.

الرسائل الإسرائيلية والتصعيد العسكري

ضمن استراتيجية الردع، استهدفت إسرائيل في نهاية مارس قاعدة "T4" العسكرية السورية، التي تعتبر نقطة استراتيجية رئيسية للقوات الإيرانية والتركية على حد سواء، وأكد مصدر أمني إسرائيلي أن هذه الضربة كانت تهدف إلى إرسال رسالة مفادها أن تل أبيب لن تسمح بتهديد عملياتها العسكرية أو تقييد حرية تحركها في الأجواء السورية.


وتقع قاعدة "T4" في عمق الأراضي السورية، وهي واحدة من القواعد التي تعرضت لضربات إسرائيلية متكررة خلال السنوات الماضية، الهجوم الأخير أدى إلى تدمير أسلحة وقدرات استراتيجية داخل القاعدة، مما يعكس تصميم إسرائيل على مواجهة أي تهديدات محتملة.

التعاون التركي السوري وتأثيره على إسرائيل

وتشير تقارير استخباراتية إلى أن تركيا تجري مشاورات مع الحكومة السورية الجديدة حول ترتيبات عسكرية واقتصادية، حيث أفادت مصادر إسرائيلية بأن تركيا قد تحصل على موطئ قدم بالقرب من تدمر وسط سوريا مقابل تقديم دعم اقتصادي وعسكري لدمشق، هذا التطور يثير قلقًا متزايدًا داخل الأوساط الأمنية الإسرائيلية، حيث ترى تل أبيب أن تحالفًا تركيًا-سوريًا قد يعيد رسم موازين القوى في المنطقة بشكل يضر بمصالحها.

وفقًا للقناة 12 الإسرائيلية، فإن نتنياهو ومستشاريه يروجون لفكرة أن "المواجهة مع تركيا على الأراضي السورية باتت أمرًا لا مفر منه"، وهو ما يفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر تعقيدًا في الشرق الأوسط، خاصة إذا ما دخلت قوى إقليمية ودولية أخرى على خط التوتر.

هل تكون سوريا محور صراع جديد في الشرق الأوسط؟
مع تصاعد النفوذ التركي في سوريا، تتزايد التساؤلات حول ما إذا كانت المنطقة ستشهد صراعًا جديدًا بين القوى الإقليمية، فقد أوصى تقرير حديث للجنة حكومية إسرائيلية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالاستعداد لحرب محتملة مع تركيا، في ظل المخاوف المتزايدة من تنامي تحالف أنقرة مع دمشق.

ووفقًا لتقرير لجنة "ناغل" الإسرائيلية، فإن هذا التحالف قد يشكل تهديدًا أكبر حتى من التهديد الإيراني، وهو ما يستدعي استعدادًا عسكريًا وأمنيًا واسع النطاق لمواجهة التحديات المستقبلية. التقرير شدد على ضرورة أن تتخذ إسرائيل إجراءات استباقية لمنع تركيا من تحقيق مكاسب استراتيجية في سوريا قد تغير المعادلة الإقليمية لصالحها.


وفي ظل هذه المعطيات، يبدو أن التواجد التركي في سوريا قد يتحول إلى نقطة اشتعال جديدة في الصراع الإقليمي، خاصة إذا ما استمرت إسرائيل في استهداف المواقع العسكرية داخل الأراضي السورية. 

كما أن التعاون المتزايد بين أنقرة ودمشق قد يؤدي إلى إعادة تشكيل خارطة التحالفات في المنطقة، مما يعقد حسابات الأطراف الفاعلة، وعلى رأسها إسرائيل.

ويقول المحلل السياسي السوري سلمان شيب،: إن التواجد التركي في سوريا لم يعد مجرد وجود عسكري تكتيكي، بل بات جزءًا من استراتيجية أوسع لأنقرة لإعادة تشكيل نفوذها الإقليمي، وهو ما يقلق إسرائيل بشدة، وإسرائيل تنظر إلى أي وجود عسكري فاعل في سوريا على أنه تهديد محتمل، سواء كان من قبل إيران، أو تركيا، أو حتى روسيا في بعض الأحيان. 

ويضيف شيب في تصريحات خاصة للعرب مباشر، إن التحالف التركي السوري الناشئ يضع تل أبيب أمام معضلة استراتيجية، حيث لم تعتد التعامل مع نفوذ تركي في جوارها المباشر، واحتمالية المواجهة المباشرة بين تركيا وإسرائيل لا تزال ضئيلة، ولكن العمليات العسكرية المحدودة وضربات الاستنزاف قد تصبح جزءًا من المشهد الأمني في المستقبل القريب.