عام ثالث من الجحيم.. السودان يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم بسبب الحرب

عام ثالث من الجحيم.. السودان يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم بسبب الحرب

عام ثالث من الجحيم.. السودان يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم بسبب الحرب
الحرب السودانية

مع دخول الحرب الأهلية في السودان عامها الثالث، تتزايد التحذيرات من منظمات غير حكومية والأمم المتحدة حول حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها المدنيون، والذين يستمرون في دفع الثمن الباهظ نتيجة ما وصفوه بـ"تخاذل المجتمع الدولي".

وأكدت صحيفة "الجارديان" البريطانية، أنه بينما يسعى المجتمع الدولي لإحياء جهود السلام المتوقفة، يواجه السودان أزمة هي الأكبر من نوعها على مستوى العالم من حيث النزوح والجوع والانتهاكات.

الخرطوم تتآكل وسط صمت دولي

وتابعت الصحيفة، أنه في لندن، تستضيف الحكومة البريطانية اجتماعًا يضم وزراء من عشرين دولة في محاولة لإعادة تفعيل محادثات السلام، التي تعطلت مرارًا بسبب تداخل أزمات أخرى أكثر بروزًا على الساحة الدولية، مثل الحرب في أوكرانيا والصراع المستعر في غزة، لكن بينما يتقاطر الدبلوماسيون على العاصمة البريطانية، تتوالى التقارير عن مجازر جديدة ترتكب على الأرض.

يصادف هذا الأسبوع الذكرى السنوية الثانية لاندلاع المواجهات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث تشير تقارير إلى أن مئات المدنيين قُتلوا مؤخرًا جراء هجمات تم شنها على مخيمات اللاجئين في إقليم دارفور غربي البلاد، ووصفت هذه الأحداث بأنها آخر الفظائع المرتكبة ضمن حرب اتسمت بالقسوة البالغة والتداعيات الإنسانية الكارثية.

مأساة إنسانية بأرقام صادمة

تجاوزت تداعيات الحرب حدود المعقول، إذ يُقدر عدد القتلى بعشرات الآلاف، بينما بات قرابة 13 مليون سوداني في عداد النازحين، من بينهم أربعة ملايين لجأوا إلى دول مجاورة.

كما يواجه مئات الآلاف شبح المجاعة، في ظل انهيار سلاسل الإمداد ونقص المساعدات الإنسانية.

وقالت إليس نالبانديان، مديرة المناصرة الإقليمية في منظمة أوكسفام: إن الوضع في السودان أصبح أسوأ مما كان عليه في أي وقت مضى، مشيرة أنه يشهد الآن "أكبر أزمة إنسانية، وأكبر أزمة نزوح، وأكبر أزمة جوع" في العالم، مؤكدة أن السودان يحطم كل الأرقام القياسية، ولكن في الاتجاه الخطأ.

وفي السياق ذاته، صرح دانيال أومالي، رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان، بأن الانتهاكات التي تُرتكب في النزاع تصل إلى مستوى "واسع النطاق" من خرق القانون الإنساني الدولي. 

وقال: إن "جميع السكان المدنيين، بغض النظر عن مواقعهم في البلاد، أصبحوا عالقين بين أطراف النزاع، وهم يتحملون عبء الحرب بالكامل"، مضيفًا أن الأرقام الواردة من مناطق النزاع "تفوق التصور".

المأساة الممتدة في دارفور

وأوضحت الصحيفة انه رغم أن الجيش السوداني تمكن في الشهر الماضي من استعادة القصر الجمهوري في الخرطوم، إلا أن القتال ما يزال مستعرًا في أجزاء واسعة من البلاد.

وتشير مصادر أممية، أن أكثر من 400 شخص قُتلوا مؤخرًا في إقليم دارفور، حيث تسعى الأطراف المتنازعة إلى السيطرة على مدينة الفاشر، وهي آخر عاصمة ولاية في الإقليم لم تسقط بعد.

ومنذ نهاية الأسبوع الماضي، تم شن هجمات برية وجوية على مدينة الفاشر ومخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين القريبين منها.

وأكدت مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، أنها تحققت من مقتل 148 شخصًا على الأقل، بينما أفادت مصادر موثوقة أن العدد الإجمالي للقتلى تجاوز 400.

ونقلت وكالة رويترز عن بيانات صادرة عن المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، أن ما يصل إلى 400 ألف شخص نزحوا من مخيم زمزم وحده منذ عطلة نهاية الأسبوع.

في بيان شديد اللهجة، قال فولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، إن "الهجمات واسعة النطاق توضح بجلاء الثمن الفادح لتقاعس المجتمع الدولي، رغم التحذيرات المتكررة التي أطلقناها بشأن المخاطر المتزايدة التي تهدد المدنيين في تلك المنطقة".

المجاعة تفتك بنصف سكان السودان

تُعد مدينة الفاشر واحدة من عدة مناطق في دارفور تم إعلان المجاعة فيها، حيث يتأثر بها قرابة 637 ألف شخص.

وتشير التقديرات، أن نحو نصف سكان السودان البالغ عددهم 50 مليون نسمة، أي حوالي 24.6 مليون شخص، يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

وحذرت ليني كينزلي، مسؤولة الاتصالات في برنامج الأغذية العالمي بالسودان، من أن الاهتمام الدولي بالسودان لا يزال متدنيًا مقارنة بأزمات أخرى.

وقالت: إن السودان لا يحظى بالتغطية الإعلامية والاهتمام الدولي اللازم، بسبب عوامل عديدة أبرزها النزاعات الدولية الأخرى، وصعوبة وصول الصحفيين إلى البلاد، إضافة إلى عزلة السودان على الساحة الدولية منذ عهد الرئيس المخلوع عمر البشير.

وأضافت كينزلي: "لا ينبغي أن تكون هناك منافسة بين الأزمات الإنسانية، لكن للأسف، فإن السودان لا يُنسى فحسب، بل يتم تجاهله تمامًا".