مصر في قلب السلام.. كيف قادت القاهرة مفاوضات التهدئة بين إسرائيل وحماس
مصر في قلب السلام.. كيف قادت القاهرة مفاوضات التهدئة بين إسرائيل وحماس

في يومي 8 و 9 أكتوبر برزت مصر كطرف محوري في الوساطة التي ساهمت في التوصل إلى اتفاق مبدئي لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، في خضم حرب مستمرة منذ عامين، تلك اللحظات الفاصلة شكلت انعطافة دبلوماسية في الصراع الطويل، حيث كان للوساطة التي استضافتها القاهرة دور محوري في تقريب المواقف المتضاربة، لقد دفعت مصر، على مدى عقود، بخبرة تراكمية في القضايا الفلسطينية والإقليمية، إلى الواجهة كضامن لسلام محتمل بين الأطراف، معتمدة على علاقاتها التاريخية مع الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، وبنيتها التحتية السياسية والدبلوماسية.
دور مصري بقيادة الرئيس
في 8 أكتوبر 2025، دخلت مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس في مدينة شرم الشيخ المصرية، بوساطة مصرية ومن أطراف دولية مثل: الولايات المتحدة وقطر وتركيا، لترجمة الخطة المعلنة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى خطوات تنفيذية.
من القاهرة، تحركت الأجهزة السياسية والأمنية المصرية على أكثر من محور في تلك الأيام. أولًا، قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بدعوة رسمية للرئيس ترامب لحضور مراسم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار المحتمل في مصر، مشددًا على ضرورة وقف "الأعمال القتالية فورًا" حتى من دون تأخير لطلبات التوقيع الرسمي.
كما أبدى السيسي تأييده الكامل للجهود التي تبذلها الولايات المتحدة وقطر وتركيا، مؤكدًا التزام مصر بالتنسيق معهم في تنفيذ بنود الاتفاق.
زيارة ترامب
في مساء 8 أكتوبر، ومع بدء جولات المفاوضات في شرم الشيخ، أعلن الأطراف قبولهم المبدأ العام لخطة ترامب التي تتضمن وقفًا فوريًا لإطلاق النار، وإطلاق الأسرى، وانسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية من بعض المناطق في غزة.
القاهرة وُصفت بأنها نقطة محورية في عملية الصياغة الأخيرة للتفاهمات، خصوصًا في تنسيق التفاهمات على تسوية تبادل الأسرى.
بصباح 9 أكتوبر، جاء الإعلان الرسمي بأن إسرائيل وحماس اتفقتا على "المرحلة الأولى" من وقف إطلاق النار، والتي تضم إطلاق جميع الأسرى المتبقين في غزة، مقابل إطلاق إسرائيل لمعتقلين فلسطينيين، وبدء انسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية إلى خطوط محددة، مع الالتزام بتفعيل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
في خطوة رمزية ذات مغزى، جدّد السيسي الدعوة للرئيس ترامب لحضور مراسم توقيع الاتفاق في مصر، معربًا عن تطلع القاهرة إلى أن تكون المنصة التي تشهد نهاية هذا الفصل الدموي.
كما شدد السيسي على أن مصر ستواصل العمل "بصدق ومسؤولية" من أجل تنفيذ الاتفاق وضمان دخول المساعدات، وأمن وسلامة المدنيين داخل غزة.
وهو ما تجاوب معه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالإشارة إلى إنه قد يذهب إلى مصر يوم الأحد القادم في خطوة تحمل معاني مباشرة عن أهمية الدور المحوري لمصر في إنهاء حرب غزة.
قوة دبلوماسية
يرى مراقبون، أن من الناحية الإعلامية والدبلوماسية، عمل الإعلام والقنوات الرسمية المصرية على إبراز دور مصر كمُنقذ محتمل، ولعبت القاهرة على الرمزية التاريخية: فشرم الشيخ باتت محطة لعشرات جولات السلام في ملفات الشرق الأوسط، واستخدامها لمثل هذه الجولة يتيح لمصر استعادة زخم التأثير في القضية الفلسطينية.
وأكد المراقبون، أن مصر استخدمت مزيجًا من القوة الدبلوماسية، والتموضع الاستراتيجي، والقنوات الاستخباراتية، والرمزية السياسية، لكسب ثقة الفرقاء وتحريك ملف التهدئة في توقيت حاسم.
بدا أن القاهرة أرادت أن تكون الجسر الذي يعبر به الطرفان من ساحة الصراع إلى مرحلة ما بعد الحرب، في بلد مجاور يُدرك مخاطر تأزّم الأوضاع الأمنية على حدوده، خاصة في شمال سيناء.
العروبة من جديد
من جانبه، أشاد الفلسطيني خليل أبو إلياس بمواقف مصر الإنسانية تجاه الفلسطينيين، قائلًا: "ماذا فعلتِ بنا يا مصر! لقد طيرت النوم من عيوننا"، معبرًا عن فرحته بالخطوات التي قامت بها الدولة لدعم العرب، واتفاق وقف الحرب بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل.
وقال أبو إلياس: "لقد كُنتِ سندًا لنا يا أم الدنيا، لقد كنتِ الأم الحنونة علينا.. لم تجوعينا كما يُزعم ولم تُحاصرينا، بل كنت المبادرة والملجمة للخصوم، وعلمتم العالم معنى الوفاء"، مشيدًا بجهود مصر في الحفاظ على كرامة الشعب الفلسطيني وتعزيز الانتماء العربي.
وأضاف: "حاول الجميع تقديمك كدولة فقيرة من المال، لكن أثبتِ أنّك غنية بالأفعال، وبقيت على العهد ثابتة الخطوة صلبة الإرادة، أعدتم هيكلية بناء العروبة من جديد، ومرحبًا بالأولاد العرب إلى أحضان والدتهم".
واختتم أبو إلياس منشوره قائلاً: "نحبك يا مصر.. نحبك يا مصر.. نحبك يا مصر"، مؤكّدًا الدور الكبير لمصر في تقديم الدعم والمساندة لأشقائها.