في ظل الغياب الأمريكي.. هل تنجح دول الخليج في وقف الصراع الهندي الباكستاني؟
في ظل الغياب الأمريكي.. هل تنجح دول الخليج في وقف الصراع الهندي الباكستاني؟

غابت الولايات المتحدة بشكل كبير عن دورها كوسيط دولي خلال الأزمة المتصاعدة بين الهند وباكستان، خصوصًا في ظل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي بدأت تتجه إلى الصفقات السياسية وتحقيق مكاسب من وقف أي صراع في العالم، كما حدث في غزة والحرب الروسية الأوكرانية والأزمة الإيرانية في الشرق الأوسط، مع التخلي بشكل كامل عن دورها كوسيط فعال.
كشمير سر الأزمة
وبحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية، تقع كشمير في شمال غرب شبه القارة الهندية، وتحدها كل من أفغانستان والصين والهند وباكستان. يطالب كل من الهند وباكستان بكامل الإقليم، ويسيطر كل منهما على جزء منه، يفصل بينهما خط هدنة متوتر يعرف بـ "خط المراقبة".
أما الصين، فتسيطر على جزء ثالث من الإقليم.
منذ تقسيم الهند البريطانية في أواخر الأربعينيات، اندلعت ثلاث حروب كبرى بين الهند وباكستان بسبب كشمير، إلى جانب العديد من المناوشات والمواجهات المسلحة المحدودة.
وكانت أزمة كارجيل عام 1999 من أخطر تلك الأزمات، حيث تدخّل الرئيس بيل كلينتون حينها لمنع انزلاق النزاع إلى مواجهة نووية مباشرة بين قوتين اختبرتا للتو أسلحتهما النووية.
رغم تراجع التهديد النووي خلال السنوات الأخيرة، ترى واشنطن أن الاستثمار في منع تفاقم أزمة كشمير ما يزال يستحق الجهد.
وقد لعبت إدارة ترامب الأولى دورًا فعّالًا حين تدخل وزير الخارجية السابق مايك بومبيو عام 2019 لنزع فتيل أزمة مشابهة.
وقد كتب بومبيو لاحقًا في مذكراته أن العالم "لا يدرك مدى قرب الهند وباكستان من الدخول في مواجهة نووية في فبراير 2019".
تصعيد جديد يهدد بالمزيد
الهجمات الأخيرة التي شنّتها الهند بصواريخ على مناطق في كشمير الباكستانية وداخل باكستان نفسها، بررتها نيودلهي بأنها استهداف لمعسكرات "إرهابية" بعد الهجوم الذي أودى بحياة ستة سياح هندوس في كشمير.
لكن باكستان تقول: إن الغارات أودت بحياة 31 مدنيًا، وتعهدت بالرد. رئيس الوزراء شهباز شريف قال في خطاب للشعب: "ربما اعتقدوا أننا سنتراجع، لكنهم نسوا أن هذه أمة من الشجعان".
ويبدو أن الهند قد تجد نفسها مضطرة إلى الرد من جديد في حال نفذت باكستان هجمات جديدة. الضغوط السياسية على مودي كبيرة، خاصة أن الهجوم وتدمير الطائرات الهندية يشكلان إهانة مباشرة له.
وقد أكدت الشبكة الأمريكية، أن طائرة فرنسية الصنع تابعة للهند أُسقطت بالفعل.
عالم جديد يفتقر إلى الحلول القديمة
وأشارت الشبكة الأمريكية، أن التحفظ الأمريكي على التدخل لا يُعزى فقط إلى فلسفة إدارة ترامب، بل أيضًا إلى تغييرات أعمق في المشهد الدولي.
فقد ساهمت أزمة كارجيل نفسها في تقوية العلاقات الأمريكية الهندية، حيث أصبحت الهند قوة صاعدة سياسيًا واقتصاديًا واستراتيجيًا، بينما تراجعت أهمية باكستان في الحسابات الأمريكية، خاصة بعد انسحاب واشنطن من أفغانستان وانتهاء "التحالف الهش" في الحرب على الإرهاب، باكستان عادت إلى التحالف مع الصين، فيما تقف الهند في صف واشنطن.
وفيما يبدو أن الرأي العام العالمي متعاطف نسبيًا مع الهند بعد استهداف سياح مدنيين، فإن سلوك الحكومة الهندية تجاه المسلمين في كشمير ما يزال يثير تحفظات دولية. أما باكستان، فتنفي وجود معسكرات لتدريب المسلحين على أراضيها.
قطر والخليج.. وساطة محتملة بدلًا من واشنطن
وأوضحت الشبكة الأمريكية، أنه مع الغياب الأمريكي، بدأت بعض الدول في الشرق الأوسط، وعلى رأسها قطر، الدخول على خط الأزمة.
واتصل أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني برئيس الوزراء الهندي في خطوة فسرتها بعض وسائل الإعلام الهندية كرفض مبطّن لموقف إسلام آباد.
وفي الوقت نفسه، أجرى رئيس الوزراء القطري محادثات هاتفية مع كل من وزير الخارجية الهندي ورئيس وزراء باكستان، وأكدت وزارة الخارجية القطرية دعم الدوحة الكامل لأي جهود إقليمية أو دولية لحل الخلافات بين الطرفين.
ويرى تيم ويلسي-ويلسي أن بعض الدائنين الخليجيين لباكستان – مثل الإمارات والسعودية – قد يملكون أدوات ضغط حقيقية على إسلام آباد، في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد.
لكن ما لم تتدهور الأوضاع بشكل أوسع، فإن التحركات الدولية ستبقى محدودة، ومن المرجح ألا تكون الولايات المتحدة هي من يقود جهود إنهاء هذه الأزمة، في مشهد يعكس تغيرًا جذريًا في دور واشنطن على الساحة العالمية.