محلل سياسي أردني: حلّ جماعة الإخوان خطوة حاسمة لإعادة ضبط المشهد الحزبي
محلل سياسي أردني: حلّ جماعة الإخوان خطوة حاسمة لإعادة ضبط المشهد الحزبي

في خطوة وُصفت بأنها تحول تاريخي في المشهد السياسي الأردني، أعلنت جمعية جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، الكيان القانوني الممثل للتنظيم، حلّ نفسها طوعًا بعد عقود من الوجود والنشاط السياسي والاجتماعي.
جاء القرار بعد أشهر من التضييق القانوني والحملة الأمنية التي شنتها السلطات الأردنية ضد الجماعة، وسط اتهامات لأعضائها بالتورط في أنشطة تهدد الأمن القومي.
وقالت الجمعية -في بيان رسمي-: إنها عقدت اجتماعًا طارئًا لمجلس الشورى أقرّ بالإجماع قرار الحل، مؤكدة التزامها بالقوانين الأردنية وحرصها على استقرار البلاد ووحدتها.
وأكد البيان، أن الجماعة “لن تكون طرفًا في أي صراع يهدد السلم الأهلي أو يعرّض الأمن الوطني للخطر”.
ويأتي هذا التطور بعد سلسلة إجراءات حكومية تصعيدية، بدأت بإغلاق مقرات تابعة للتنظيم وحظر نشاطاته العلنية، مرورًا بمصادرة ممتلكاته وتجميد حساباته البنكية، وصولًا إلى اعتقالات طالت قيادات بارزة على خلفية قضايا وصفتها السلطات بـ“الإرهابية”.
وكانت محكمة التمييز قد أصدرت في وقت سابق حكمًا نهائيًا يقضي باعتبار الجماعة “منحلة حكوميًا” منذ عام 2020، لكن استمرار وجودها القانوني كان قائمًا عبر الجمعية التي أعلنت حل نفسها هذا الأسبوع.
ويرى مراقبون، أن قرار الجماعة بالانسحاب من المشهد يعكس قناعة داخلية بصعوبة الاستمرار في ظل المتغيرات السياسية والقانونية الأخيرة، كما أنه يفتح الباب أمام تساؤلات حول مستقبل التيار الإسلامي في الأردن، لاسيما مع بقاء حزب جبهة العمل الإسلامي – الذراع السياسية للجماعة – في المشهد وإن بفعالية محدودة.
ويرى محللون، أن هذه الخطوة تمثل نهاية مرحلة تاريخية طويلة للجماعة في الأردن، كانت خلالها فاعلًا رئيسيًا في الحياة السياسية والنقابية، لكنها اليوم تواجه واقعًا جديدًا عنوانه الإقصاء الكامل من الساحة الرسمية.
فيما تشير تقديرات أخرى إلى احتمال بروز كيانات سياسية جديدة تحمل خطابًا إسلاميًا معتدلًا يسعى للتكيف مع شروط الدولة وقوانينها.
وبينما رحبت أطراف سياسية بقرار الحل واعتبرته انتصارًا لسيادة القانون، التزمت قيادات إخوانية الصمت، مكتفية بتأكيد احترامها للقرار ومواصلة العمل الدعوي والاجتماعي بطرق مشروعة.
قال المحلل السياسي الأردني د. سامر المجالي: إن قرار جمعية جماعة الإخوان المسلمين في الأردن حلّ نفسها يمثل “منعطفًا حاسمًا في التاريخ السياسي الأردني”، مشيرًا أن الخطوة جاءت بعد سلسلة من الإجراءات القانونية والأمنية التي وضعت التنظيم أمام خيارين لا ثالث لهما: الالتزام بالقوانين الجديدة أو الانسحاب من المشهد.
وأوضح المجالي، في تصريحات خاصة للعرب مباشر، أن الجماعة لم تعد قادرة على ممارسة أي دور سياسي رسمي بعد الأحكام القضائية السابقة التي اعتبرتها غير مرخصة، وما تبع ذلك من إغلاق مقراتها وتجميد أصولها المالية.
وأضاف: "قرار الحل الذاتي يخفف من حدة المواجهة مع الدولة، ويعكس إدراكًا داخل الجماعة بأن المرحلة الحالية لا تحتمل صراعًا سياسيًا معها، خاصة في ظل التحديات الإقليمية والأمنية التي تواجه الأردن”.
وأكد المحلل السياسي، أن انسحاب الجماعة من الساحة لا يعني نهاية التيار الإسلامي في البلاد، بل قد يفتح المجال أمام بروز أحزاب إسلامية جديدة تعمل وفق القوانين النافذة وتتبنى خطابًا أكثر اعتدالًا وتوافقًا مع متطلبات الدولة.
وأشار، أن “السلطات الأردنية باتت أكثر وضوحًا في تنظيم العمل الحزبي، وأي جهة لا تلتزم بالقوانين ستواجه الإجراءات ذاتها، سواء كانت إسلامية أو غيرها”.
وختم المجالي بالقول: الأردن يدخل مرحلة جديدة من إعادة ترتيب الحياة الحزبية، وحل جماعة الإخوان ليس نهاية المعارضة، بل بداية لمرحلة حزبية أكثر انضباطًا وانسجامًا مع الدولة”.