تونس.. ما مصير حركة النهضة الإخوانية بعد مرحلة بناء مؤسسات الدولة؟

تواجه حركة النهضة الإخوانية في تونس مصيرا مجهولا بعد مرحلة بناء مؤسسات الدولة

تونس.. ما مصير حركة النهضة الإخوانية بعد مرحلة بناء مؤسسات الدولة؟
صورة أرشيفية

لا تزال أصداء نجاح عملية الاستفتاء على الدستور الجديد في تونس، ونزول الشعب التونسي بالملايين لدعم دستور بلادهم تثير غضب تنظيم الإخوان الإرهابي، حيث أصبح التنظيم في حالة عداء مع جميع أفراد الشعب التونسي بعد أن تكاتف الشعب لإفشال مخططات الجماعة الإرهابية  وسعيها لتدمير البلاد من خلال إفساد قرارات وتحركات الرئيس التونسي لبناء الدولة التونسية.
 
مستقبل التنظيم

من جانبها، كشفت دراسة لمركز "تريندز" للدراسات والبحوث، عن مستقبل الإسلام السياسي في تونس، تبعاً للبعدين الرئيسيين للإسلام السياسي، وهما البعد التنظيمي والبعد الأيديولوجي، فمن الزاوية الأولى يشير الباحث في دراسته إلى أنّه بات من الواضح في تونس اليوم أنّ حركة النهضة باعتبارها ممثلة الإسلام السياسي الإخواني من الناحية التنظيمية قد تراجعت مكانتها وتقلص حضورها وفقدت قدرتها التأثيرية والاستقطابية في المجتمع، إضافة إلى استبعادها سياسياً من أجهزة الدولة، وأنهى الدستور الجديد من الناحية القانونية قواعد المنظومة التي كانت تهيمن عليها وبها تُوجِّه سياسات الدولة وتفرض سلطانها على مؤسساتها وتتحكم في المشهد السياسي.

عجز النهضة

 ولم تستطع حركة النهضة منذ 25 (يوليو) 2021 رغم المجهودات التي بذلتها داخلياً وخارجياً، أن تحدث اختراقاً يتيح لها العودة إلى المنظومة السابقة أو أن تحول دون المسار السياسي الذي سلكه رئيس الجمهورية، ويشير واقع الحال إلى أنّها في حالة من العزلة السياسية والاجتماعية، إضافة إلى ما تواجهه قياداتها، وعلى رأسهم راشد الغنوشي من قضايا، وهو ما قد يثير التساؤلات حول وجودها قانونياً وشرعياً في الساحة السياسية التونسية، وقد يتعزز هذا الأمر في ضوء تمسك الحركة الإسلاموية برفضها الدستور الجديد والقواعد القانونية التي ستتولد عنه ولا سيما قانون الأحزاب وقانون الانتخابات.
 
بديل مستقل

الدراسة أكدت أنّ من السيناريوهات الممكنة في هذا الإطار بعد أن أصبح وجودها القانوني على المحك أن تلجأ إلى تأسيس صيغة تنظيمية بديلة أو أن تخرج من تحت عباءتها تنظيمات جديدة على غرار ما فعله بعض المستقيلين منها في الآونة الأخيرة، إذ أنشأ بعض القياديين المستقيلين حزباً جديداً يحمل اسم "العمل والإنجاز"، برئاسة عبد اللطيف المكي، ويبدو أنّ مستقبل حركة النهضة في تونس في مرحلة المنظومة السياسية النابعة من الدستور الجديد باعتبارها ممثلة للإسلام السياسي الإخواني من الناحية التنظيمية مفتوح على احتمالات متعددة بحسب موازين القوة داخلياً وخارجياً من ناحية، ومآلات القضايا المرفوعة ضدها من ناحية أخرى، ولعلّ أقرب هذه الاحتمالات أنّ الإسلام السياسي قد يعمد إلى اتخاذ أشكال تنظيمية بديلة ويعمل على عدم تكرار تجاربه السابقة في مرحلة الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين أو تجربة جماعة الإخوان المصرية بعد انهيار تجربة حكمهم في صيف 2013؛ بمعنى تجنب الدخول في مصادمات مع السلطات القائمة بما يجعل قضيته تتحول إلى ملف أمني وقضائي والسعي إلى أن يحافظ على حضوره في الحقل السياسي، باعتباره مكوناً من مكوناته وممثلاً لفئة من المجتمع، وإن اقتضى الأمر القيام بمراجعات وفق قواعد المنظومة الجديدة في انتظار أن تتهيأ فرص لاستعادة ثوبه الأصلي وهويته القديمة الراسخة، مستفيداً من قدرته على المناورة والمخاتلة.

أيديولوجيات التنظيمات

أما من الزاوية الأيديولوجية، وهي الزاوية الأكثر أهمية باعتبار ما تشكله الأيديولوجيا بمقولاتها وشعاراتها من مخزون له طاقة على الاستقطاب والجذب خصوصاً في الأوساط الاجتماعية التي تعاني الهشاشة فكرياً أو مادياً ويسهل خداعها بالخطابات المغلفة بالشعارات الدينية البراقة، فإنّ مستقبل الإسلام السياسي في تونس يبقى، وفق الباحث، رهين عدة عوامل لعل أبرزها 3 عوامل أساسية، مصير شبكة من الجمعيات والمنظمات الناشطة في المجتمع المدني والتي يكمن دورها في الترويج لأيديولوجيا الإسلام السياسي بطريقة ناعمة من خلال الدورات التكوينية والدروس والتدريبات، ومنها، على سبيل المثال، الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، العامل الثاني يتصل بمتابعة مصادر التمويل وتجفيفها، وهو أمر كفيل بالحد من قدرة الإسلام السياسي على التحرك والتمدد، ولا سيما في الطبقات الاجتماعية الفقيرة والمهمشة، وأما العامل الثالث، وهو أكثر العوامل حسماً، فيتعلق بوضع سياسات إصلاحية في البرامج التربوية والتعليمية والثقافية، وبمتابعة الخطابات الدينية وفق رؤية تجديدية وتنويرية في المساجد وفي الوسائط الإعلامية.