القاهرة في قلب الحدث.. حماس وإسرائيل أمام اختبار التهدئة

القاهرة في قلب الحدث.. حماس وإسرائيل أمام اختبار التهدئة

القاهرة في قلب الحدث.. حماس وإسرائيل أمام اختبار التهدئة
حركة حماس

في ظل التوتر المتصاعد حول مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، تبدو القاهرة مجدداً مركز الثقل في المفاوضات، فمع تصاعد المخاوف من انهيار التفاهمات القائمة، تتكثف الجهود الدبلوماسية لمنع أي انتكاسة قد تعيد الأوضاع إلى المربع الأول، وبينما تتباين مواقف الأطراف، تسعى مصر وقطر، بدعم أميركي، إلى ضمان تنفيذ الاتفاق وفق البنود المتفق عليها، خصوصاً فيما يتعلق بملف تبادل الأسرى والمساعدات الإنسانية.

 في هذا السياق، وصل وفد رفيع من حركة حماس، برئاسة خليل الحية، إلى القاهرة لإجراء محادثات حاسمة مع المسؤولين المصريين، وسط مؤشرات على أن اليوم سيكون مفصلياً في تحديد مسار الاتفاق. 

ورغم التزام الوسطاء بمواصلة الضغط على جميع الأطراف، إلا أن الخلافات حول بعض البنود تظل قائمة، ما يجعل نتائج اللقاءات المرتقبة محط أنظار الجميع. 

*مفاوضات الفرصة الأخيرة*


تشير المعلومات الواردة من مصادر دبلوماسية إلى أن القاهرة تستضيف اليوم اجتماعاً موسعاً بين قادة حركة حماس ومسؤولين مصريين، في محاولة لحسم القضايا العالقة التي تهدد استمرار اتفاق الهدنة.

ويُتوقع أن يتناول اللقاء ملفات رئيسية، من أبرزها الالتزام بعملية تبادل الأسرى، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بالإضافة إلى مناقشة التحفظات الإسرائيلية على بعض الجوانب التنفيذية.

في المقابل، أفادت مصادر بأن تل أبيب أبلغت الوسطاء أنها ترغب في تنفيذ الاتفاق دون أي تعديلات، وفقًا لصحيفة "هآرتس"، بينما شددت مصر وقطر على ضرورة عدم السماح لأي تصعيد قد يعيد المشهد إلى المواجهات العسكرية.

ويأتي هذا الاجتماع في وقت حساس، حيث يُنظر إليه باعتباره الفرصة الأخيرة للحفاظ على التفاهمات الحالية ومنع انهيار الهدنة. 

*تبادل الأسرى.. اختبار للنوايا*


أحد أبرز البنود التي تشكل محور التوتر هو ملف تبادل الأسرى، حيث أكدت مصادر أن تنفيذ المرحلة المقبلة من التبادل لا يزال قائماً ليوم السبت، وفق الجدول الزمني المحدد.


وبحسب الوساطات، فإن المرحلة الحالية تتضمن إطلاق سراح 33 أسيراً إسرائيلياً مقابل الإفراج عن 700 فلسطيني، وهي خطوة حاسمة في مسار الاتفاق. 


لكن المداولات حول هذه القضية لم تخلُ من التحديات، إذ أعربت إسرائيل عن تحفظاتها على بعض المشاهد التي رافقت عمليات التبادل السابقة، معتبرة أنها توظف سياسياً من قبل حركة حماس.

في المقابل، أبلغ الوسطاء الطرفين بأن أي تعطيل قد ينعكس سلباً على مستقبل الاتفاق برمته، مما دفع حماس إلى التأكيد على التزامها بإتمام العملية وفق التفاهمات القائمة. 

*ضغوط وضمانات.. الموقف المصري الحاسم* 


تؤدي مصر دوراً محورياً في تثبيت الهدنة ومنع أي تصعيد قد يقود إلى انهيار الاتفاق، حيث قدمت ضمانات للفصائل الفلسطينية بأن أي محاولات لفرض تهجير جماعي من غزة مرفوضة تماماً، وأن الجهود ستتركز على إعادة إعمار ما دمرته الحرب. 

من ناحية أخرى، شدد المسؤولون المصريون على ضرورة التزام إسرائيل بإدخال المساعدات إلى القطاع، وفق ما تم الاتفاق عليه، خصوصاً فيما يتعلق بإمدادات الغذاء، والمستلزمات الطبية، وآليات إزالة الركام، إلى جانب السماح بخروج المصابين للعلاج.

وفي هذا السياق، أفادت المصادر بأن القاهرة أبلغت تل أبيب رفضها لأي ممارسات من شأنها إعاقة تدفق المساعدات، معتبرة أن استمرار هذه العراقيل قد يهدد التفاهمات القائمة. 

*انقسامات داخل الناتو حول الموقف من غزة*


على صعيد آخر، تزامنت هذه التطورات مع نقاشات داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو) حول كيفية التعامل مع التصعيد في غزة.

وبحسب تقارير غربية، فإن مواقف الدول الأعضاء لا تزال متباينة، حيث تدعو بعض الدول إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل، بينما تفضل دول أخرى التركيز على المسار الدبلوماسي. 

وفي هذا السياق، قال مسؤول غربي رفيع: إن استمرار الأزمة دون حلول واضحة قد يؤثر على أولويات الحلف في المنطقة، خصوصاً في ظل التحديات الأمنية المتزايدة.

ويرى محللون، أن مواقف الدول الغربية تجاه الأزمة قد تلعب دوراً في توجيه مسار التفاوض، خصوصاً إذا ما تعززت الضغوط الدولية لفرض التزامات جديدة على الطرفين.

*حجر الزاوية*


من جانبه، يرى الدكتور محمد المنجي، أستاذ العلوم السياسية، أن الدور المصري يمثل حجر الزاوية في جهود تثبيت الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس، مشيرًا أن القاهرة أثبتت قدرتها على التوسط الفعّال بين الأطراف المتنازعة رغم التعقيدات السياسية والأمنية المحيطة بالملف. 

ويؤكد المنجي في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن الموقف المصري يستند إلى ثلاثة مرتكزات رئيسية: أولها، رفض أي مخطط لتهجير الفلسطينيين من غزة، وهو ما عكسته التأكيدات المصرية المباشرة للفصائل الفلسطينية.

ثانيًا، التركيز على الملف الإنساني من خلال الضغط على إسرائيل لضمان تدفق المساعدات وخروج المصابين، وهو أمر ضروري لتخفيف المعاناة داخل القطاع.

وأخيرًا، الحرص على تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى دون انتكاسات، حيث تدرك مصر أن تعطيل هذه العملية قد يهدد مجمل التفاهمات القائمة. 

ويشير المنجي، أن القاهرة لا تسعى فقط إلى تثبيت التهدئة الحالية، بل تعمل على خلق بيئة تمهّد لمسار سياسي أكثر استقرارًا؛ مما يعكس دورها كوسيط لا غنى عنه في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، ومع ذلك، يؤكد أن نجاح الوساطة المصرية يعتمد على مدى التزام الأطراف المتنازعة بتعهداتها، محذرًا من أن أي تصعيد قد يعيد المشهد إلى نقطة الصفر.