تصريحات ترامب تفجر الجدل.. قناة السويس.. ممر عالمي أم ورقة تفاوض؟

تصريحات ترامب تفجر الجدل.. قناة السويس.. ممر عالمي أم ورقة تفاوض؟

تصريحات ترامب تفجر الجدل.. قناة السويس.. ممر عالمي أم ورقة تفاوض؟
ترامب

أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب موجة من الجدل الواسع، بعد تصريحات مفاجئة دعا فيها إلى السماح للسفن الأميركية بالمرور الحر والمجاني عبر قناتي بنما والسويس، مشيرًا أن الولايات المتحدة "هي من صنعت وجود هاتين القناتين". 

التصريحات، التي أطلقها ترامب عبر منصته الاجتماعية "تروث سوشيال"، جاءت لتفتح بابًا جديدًا من الأسئلة حول كيفية تلقي المصريين لهذه الدعوة، وما إذا كانت تحمل أبعادًا سياسية تتجاوز ظاهرها الاقتصادي.

قناة السويس.. شريان عالمي تحت السيادة المصرية

تعد قناة السويس واحدة من أهم الممرات البحرية في العالم، إذ تمر عبرها نحو 12% من التجارة العالمية، وتشكل مصدرًا حيويًا للنقد الأجنبي في مصر.

خلال السنوات الأخيرة، سجلت القناة إيرادات قياسية، بلغت 10.2 مليار دولار عام 2023، قبل أن تتراجع في عام 2024 بنسبة تصل إلى 61%، بفعل التوترات في البحر الأحمر والهجمات الحوثية على السفن التجارية.

على مدار عقود، رسخت مصر سيادتها الكاملة على القناة، منذ تأميمها التاريخي في خمسينيات القرن الماضي، ومن هذا المنطلق، فإن أي مطالبة بمرور سفن دون رسوم ينظر إليها باعتبارها تدخلًا سافرًا في الحقوق السيادية، لا سيما عندما تصدر عن شخصية مثل ترامب، المعروفة بمواقفها التصعيدية.

مقارنة مغلوطة بين بنما والسويس

محاولة ترامب الربط بين قناتي بنما والسويس تكشف عن قراءة سطحية لطبيعة كل ممر بحري، فبينما لعبت الولايات المتحدة دورًا مباشرًا في بناء قناة بنما، التي تقع في أضيق نقطة بين الأميركيتين، فإن قناة السويس حفرت بإرادة ومساهمة مصرية خالصة في منتصف القرن التاسع عشر، قبل عقود طويلة من التدخلات الأميركية في المنطقة.

القناة، التي تربط البحرين الأبيض والأحمر، تمثل عمودًا فقريًا لحركة التجارة بين أوروبا وآسيا، وتخضع اليوم لإدارة مصرية كاملة تتعامل مع السفن وفق قوانين دولية منظمة، بعيدًا عن الإملاءات أو الاستثناءات السياسية.

ردود فعل محتملة في الشارع المصري

الشارع المصري، يرى تصريحات ترامب مستفزة للكرامة الوطنية، خصوصًا أن قناة السويس تمثل رمزًا للسيادة والاستقلال، ويرى كثيرون أن المطالب الأميركية لا تضع في الاعتبار المصالح الاقتصادية لمصر، التي تعتمد بشكل كبير على عائدات القناة لدعم موازنتها العامة وتمويل مشروعاتها التنموية.

المصريون الذين يرون في القناة إرثًا قوميًا لا يقدر بثمن، يدركون أن الرضوخ لأي مطالب من هذا النوع يعني مساسًا بالسيادة الوطنية، وهو أمر يصعب قبوله سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي.

حسابات سياسية تتجاوز الملاحة

تصريحات ترامب، وإن بدت اقتصادية في ظاهرها، إلا أنها تحمل رسائل سياسية تتعلق بنفوذ الولايات المتحدة في الممرات البحرية العالمية، في ظل تصاعد التوترات الدولية وتغير موازين القوى الاقتصادية. ويبدو أن القناة، التي لطالما شكلت نقطة صراع إقليمي ودولي، ستظل في قلب المعادلات الكبرى، مهما تغيرت الإدارات والسياسات.

واعتبر الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة، التي طالب فيها بإعفاء السفن الأمريكية من دفع رسوم العبور في قناتي السويس وبنما، تمثل انتهاكًا صارخًا لمبادئ القانون الدولي، وتهديدًا مباشرًا للسلم والأمن الدوليين.

وأوضح فهمي - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، أن قناة السويس، رغم أهميتها الحيوية للتجارة العالمية، تظل خاضعة للسيادة المصرية الكاملة، مستندة إلى قواعد القانون الدولي وأحكام اتفاقية القسطنطينية لعام 1888، التي كفلت حرية الملاحة لجميع السفن دون تمييز، لكنها لم تنتقص في الوقت ذاته من حق مصر في تنظيم المرور وفرض الرسوم وفقًا لمقتضيات سيادتها الوطنية.

وأضاف فهمي، أن تصريحات ترامب تغفل المبادئ الأساسية التي أرساها ميثاق الأمم المتحدة، وعلى رأسها احترام السيادة الوطنية، كما تتناقض مع نصوص اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، التي أكدت على حرية الملاحة مع الالتزام الكامل بحقوق الدول الساحلية على ممراتها ومياهها الإقليمية.

كما أشار أن مطالبة واشنطن بمرور سفنها عبر قناة السويس دون دفع رسوم لا تمثل فقط مخالفة قانونية، بل تُعد انتهاكًا لمبدأ المساواة بين الدول الذي يقوم عليه النظام الدولي، موضحًا أن المعاهدات الدولية لا تميز بين دولة وأخرى فيما يخص المرور عبر الممرات المائية الدولية.