أزمة تجنيد في إسرائيل.. تمديد الخدمة العسكرية يشعل مواجهة قانونية واجتماعية
أزمة تجنيد في إسرائيل.. تمديد الخدمة العسكرية يشعل مواجهة قانونية واجتماعية

أكدت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية، أنه في ظل تصاعد التوترات داخل إسرائيل، أثار قرار تمديد فترات الخدمة العسكرية النظامية دون سند قانوني موجة غضب واسعة، دفعت حركات اجتماعية وأهلية إلى التحرك ضد ما وصفوه بتجاوزات تشريعية خطيرة.
ومع تعثر مشاريع القوانين المتعلقة بالتجنيد واستمرار أزمة دمج فئة الحريديم في الخدمة العسكرية، تتجه الأنظار نحو المحكمة العليا التي قد تحدد مصير هذه القرارات المثيرة للجدل.
احتجاجات شعبية وقانونية ضد قرار التمديد
كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية عن تحركات عاجلة بقيادة حركة "أم يقظة"، التي تضم أمهات جنود، لمواجهة قرار قيادة الجيش الإسرائيلي بتمديد فترات الخدمة العسكرية للجنود النظاميين عبر أوامر احتياط مفتوحة.
وأطلقت الحركة حملة قانونية شاملة، وجهت خلالها خطابات رسمية إلى كل من المستشارة القضائية للحكومة، ووزير الدفاع، ورئيس لجنة الخارجية والأمن، ورئيس أركان الجيش، معلنة نيتها تقديم التماس عاجل إلى المحكمة العليا للطعن في هذا القرار.
وأوضحت الحركة، أن عددًا من الجنود النظاميين وافقوا على الانضمام شخصيًا إلى الالتماس، بهدف إبراز الضرر المباشر الذي لحق بهم جراء هذا الإجراء، سواء على المستوى الشخصي أو المهني.
ويأتي هذا التحرك كرد فعل على ما وصفته الحركة بـ"التجاوز غير المشروع" للقوانين، حيث يفرض القرار استمرار الجنود في الخدمة لفترات إضافية دون موافقة تشريعية واضحة.
آلية "أمر 77"
في سياق متصل، صادق قسم الموارد البشرية في الجيش الإسرائيلي مؤخراً على تفعيل ما يُعرف بـ"أمر 77"، وهو قرار إداري يهدف إلى إبقاء الجنود النظاميين في الخدمة بعد انتهاء فترة تجنيدهم الإلزامية.
وبموجب هذا القرار، سيُطلب من كل جندي نظامي الاستمرار في الخدمة لمدة أربعة أشهر إضافية ضمن قوات الاحتياط، تحت مظلة أوامر طوارئ مفتوحة.
كما ينص القرار على أن الجنود لن يحصلوا على إجازة التسريح إلا بعد استكمال ثلاث سنوات من الخدمة الفعلية.
وبرر الجيش هذا الإجراء بالنقص الحاد في القوات المقاتلة، مشيرًا أن هذا الوضع سيستمر حتى تحسن الأوضاع الأمنية، أو تعديل قانون الخدمة العسكرية، أو توفير قوات جديدة من مصادر أخرى.
ومع ذلك، أثار هذا القرار استياء واسعًا بين الجنود وأسرهم، الذين يرون أنه يزيد من أعباء الخدمة دون تقديم حلول جذرية لأزمة التجنيد.
تعثر التشريعات وأزمة الحريديم
تتزامن هذه التطورات مع تعثر ملحوظ في مشاريع القوانين المتعلقة بالخدمة العسكرية. فمشروع قانون رفع سن الإعفاء من الخدمة الاحتياطية لم يحرز تقدماً يذكر منذ إقراره بالقراءة الأولى قبل نحو عام، كما توقف مشروع قانون تمديد مدة الخدمة النظامية.
ويعود هذا الجمود إلى قرار رئيس لجنة الخارجية والأمن، يولي أدلشتاين، الذي أعلن رفضه دفع أي تشريعات جديدة تزيد من الأعباء على الجنود دون حل أزمة تجنيد فئة الحريديم (اليهود المتطرفين).
ورغم تصريحات متفائلة من بعض الأوساط السياسية حول قرب التوصل إلى اتفاق بشأن تجنيد الحريديم، إلا أن المفاوضات لا تزال عالقة، مما يعقد الجهود لإيجاد حلول شاملة لأزمة التجنيد.
ويضع هذا الوضع الجيش الإسرائيلي أمام تحديات كبيرة، حيث يعاني جنود الاحتياط من استدعاءات متكررة دون أفق واضح لإنهاء هذه الالتزامات.
مستقبل غامض وتداعيات محتملة
مع تصاعد الضغوط الاجتماعية والقانونية، تتجه الأزمة نحو نقطة تحول حاسمة. فالالتماس المرتقب أمام المحكمة العليا قد يحدد ما إذا كانت قرارات الجيش بتمديد الخدمة العسكرية تتماشى مع القوانين الإسرائيلية، أو إذا كانت تمثل انتهاكاً يستدعي التدخل القضائي.
كما أن استمرار الخلافات حول تجنيد الحريديم يهدد بتعميق الانقسامات الداخلية، في وقت يواجه فيه الجيش ضغوطاً أمنية متزايدة.
وتظل الأسئلة مفتوحة حول كيفية معالجة هذه الأزمة، التي لا تقتصر على الجوانب العسكرية، بل تمتد إلى قضايا اجتماعية وسياسية أعمق.
ومع اقتراب موعد النظر في الالتماس القانوني، يترقب الإسرائيليون بقلق تطورات قد تغير قواعد اللعبة في نظام التجنيد العسكري.