في أقوى تنديد.. الأمم المتحدة تتهم إسرائيل بانتهاك القانون الدولي وتجويع المدنيين في غزة
في أقوى تنديد.. الأمم المتحدة تتهم إسرائيل بانتهاك القانون الدولي وتجويع المدنيين في غزة

وجه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، انتقادات حادة لإسرائيل بسبب تجديدها للحصار المفروض على قطاع غزة، واصفاً هذا الإجراء بأنه انتهاك صارخ لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، ومشيرًا أن الحصار قد فتح من جديد ما سماه بـ"أبواب الرعب".
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فإنه في تصريحات ألقاها من مقر الأمم المتحدة في نيويورك، قال غوتيريش: إن "غزة تحولت إلى ساحة قتل، والمدنيون باتوا عالقين في حلقة موت لا تنتهي"، وأضاف: "أكثر من شهر كامل مرّ دون دخول قطرة واحدة من المساعدات إلى غزة. لا طعام، لا وقود، لا دواء، ولا حتى إمدادات تجارية، ومع تجفيف منابع المساعدات، أعيد فتح أبواب الرعب على مصراعيها".
وتابعت الصحيفة، أن هذه التصريحات تعد من أشد العبارات التي استخدمها غوتيريش منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، وهي تعكس - بحسب ما يقول مسؤولون كبار في الأمم المتحدة- حالة من الإحباط المتزايد من فشل المجتمع الدولي، بما في ذلك أقرب حلفاء إسرائيل وعلى رأسهم الولايات المتحدة، في كبح التصرفات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
رد إسرائيلي غاضب
رفضت الحكومة الإسرائيلية بشكل قاطع انتقادات غوتيريش، حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، أورن ميمورشتاين، عبر منصات التواصل الاجتماعي: "كالعادة، لا تدع الحقائق تعيقك وأنت تنشر الافتراءات ضد إسرائيل".
وأضاف: "لا يوجد نقص في المساعدات الإنسانية داخل قطاع غزة، فقد دخل أكثر من 25 ألف شاحنة مساعدات خلال 42 يومًا من الهدنة. حماس استخدمت هذه المساعدات لإعادة بناء آلتها الحربية. ومع ذلك، لم تتضمن تصريحاتك كلمة واحدة عن ضرورة أن تغادر حماس غزة".
غوتيريش: إسرائيل تتحمل التزامات قانونية
أكد الأمين العام أن إسرائيل، بصفتها قوة احتلال في غزة، تتحمل التزامات لا يمكن التنصل منها بموجب اتفاقيات جنيف، والتي تنص على ضرورة تأمين إيصال الغذاء والدواء وضمان عمل المستشفيات والخدمات الصحية العامة.
وقال غوتيريش: "لا شيء من هذا يحدث الآن".
كما حذّر من أن الآليات الجديدة التي اقترحتها إسرائيل لإيصال المساعدات تنذر بـ"المزيد من التحكم والاستهتار في تقنين المساعدات، وصولاً إلى احتساب كل سعر حراري وحبة طحين"، على حد تعبيره.
وأكد أن الأمم المتحدة لن تشارك في أي ترتيبات لا تحترم المبادئ الإنسانية الأساسية، مثل الاستقلالية والحياد.
وأشار غوتيريش، أن الادعاءات الإسرائيلية بوجود كميات كافية من الغذاء في غزة لا تمت للواقع بصلة، قائلاً: إن "السلع الأساسية تُستنزف إلى أقصى حد، والادعاء بوجود وفرة هو محض خيال لا يعكس الحقيقة المروعة على الأرض".
وختم تصريحاته بالقول: "المسار الحالي مسدود، وهو غير مقبول إطلاقًا في ضوء القانون الدولي وفي نظر التاريخ".
دعوات متزامنة للإفراج عن الأسرى
غداة لقائه بعائلات الإسرائيليين الذين اختطفوا في هجوم حماس بتاريخ 7 أكتوبر 2023، جدّد غوتيريش دعوته للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الأسرى، وقال عبر حساباته الرسمية: "أدنت حماس بسبب عمليات الخطف الوحشية والمعاملة المروعة التي يتعرض لها الأسرى".
وجاء هذا الموقف في ذات اليوم الذي أصدرت فيه قيادات أكبر ست وكالات إغاثية تابعة للأمم المتحدة بيانًا مشتركًا نادرًا من نوعه، أكدوا فيه أنهم "يشهدون في غزة أعمال حرب تعكس ازدراءً تامًا للحياة البشرية".
وأشار مسؤولو هذه الوكالات، ومن ضمنهم من يتولى ملفات الغذاء، والطفولة، والصحة، والمساعدات الإنسانية، إلى أنه في الأسبوع الأول فقط عقب انهيار الهدنة، تم الإبلاغ عن مقتل أو إصابة أكثر من ألف طفل في غزة، وهو أعلى معدل وفيات أسبوعي للأطفال خلال العام الماضي بأكمله.
دعوات متزايدة للتحقيق في جرائم حرب
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن البيان صدر وسط تزايد الدعوات الدولية لإجراء تحقيق مستقل في مقتل 15 من موظفي الهلال الأحمر الفلسطيني والعاملين في الإغاثة، والذين قُتلوا الشهر الماضي بنيران القوات الإسرائيلية.
وقال مفوض حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك: إن هذا الحادث يُضاف إلى قائمة المخاوف المتعلقة بارتكاب الجيش الإسرائيلي لجرائم حرب.
وفي هذا السياق، كانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت بالفعل مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأحد قادة حماس، بتهم ارتكاب جرائم حرب، إلا أن نتنياهو استمر في تنقلاته الخارجية، حيث التقى يوم الإثنين بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في البيت الأبيض.
انتقادات لأداء مجلس الأمن وسط اتساع رقعة الحروب وفي سياق متصل، وجّه منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، توم فليتشر، انتقادًا حادًا لمجلس الأمن الدولي، متهمًا إياه بالتقاعس عن حماية المدنيين وتطبيق القانون الدولي، ليس فقط في غزة، بل أيضًا في أوكرانيا والسودان وميانمار.
وقال فليتشر: "لا نكتفي بعدم الدفاع بقوة عن القانون الدولي، بل نحن في بعض الأحيان نشارك في إضعافه".
وأشار أن هذا التواطؤ هو "الخيط المشترك الذي يربط بين هذه النزاعات جميعًا".